ما قصة القبة الحديدي في الخليج، و هل تُنبيء التحركات العسكرية الاسرائيلية الاخيرة عن عمل وشيك ضد ايران؟

مرصد طه الإخباري، من الواضح أن نشر امريكا الصواريخ المضادة للصواريخ، أو ما تعرف بالقبة الحديدية الاسرائيلية في دول الخليج، لا يأتي في اطار حماية القوات الامريكية من هجمات صاروخية ايرانية كما زعمت مصادر امريكية واسرائليلة.

 

فتسويق هذا الخبر على هذا النحو اعلاميا لم يكن مقنعا على الإطلاق خصوصا حين قُرنت عملية نشر القبة الحديدية الاسرائيلية بموافقة اسرائيل، وكأن امريكا من دول العالم الثالث حتى تشتري صواريخ مضادة للصواريخ من اسرائيل لحماية قواعدها ولاتجرؤ على نشرها في الخليج الا بعد موافقة الاخيرة.

 

الخبر بهذه الطريقة حسبما سوّقه الإسرائيليون والامريكيون يثير السخرية، لان الولايات المتحدة الامريكية تعد المصدّر الاول للسلاح في العالم وهي لا تشتري سلاحا من اسرائيل الا تحت يافطة المعونات المبطنة او من باب التشجيع ولا تجازف بأمن قواعدها بالاعتماد على غير سلاحها الذي تنتجه مصانعها الشهيرة.

 

فصواريخ الباتريوت الامريكية ربما تكون افضل من القبة الحديدية الاسرائيلية التي عجزت عن اعتراض صواريخ حزب وحماس  طوال السنوات الماضية.

 

إذن ما حكاية القبة الحديدية الاسرائيلية في الخليج؟.

 

من الواضح أن الصهيوسعودية ودولا خليجية اخرى كانت تسعى لشراء القبة الحديدية الاسرائيلية منذ 2018، ففي ايلول من ذلك العام نشرت صحيفة سعودية أن المملكة وقعت اتفاقية لشراء بطاريات القبة الحديدية من إسرائيل بوساطة أمريكية.

 

وهو ما اكدته صحيفة “هاآرتس” لاحقا نقلا عن مسؤولين في وزارة الدفاع الإسرائيلية حين كشفت عن تقديم الصهيوسعودية ودول خليجية أخرى طلبات لشراء بطاريات القبة الحديدية للدفاع، بعد هجوم، نُسب لإيران، على منشآت نفطية صهيوسعودية في ايلول 2019.

 

تذكرني هذه القصة بلعبة إدخال النعاج الى قفص الراعي، فأمريكا تدعْ دول الخليج مكشوفة الظهر في مواجهة ايران وحلفائها أنصار الله لبعض الوقت، وتعجز أو تتعاجز صواريخها عن حماية منشآت نفطية صهيوسعودية مهمة لأسباب مجهولة مع انها الاكثر تطورا في العالم.

 

ثم يهمس الامريكيون في أُذن السعوديين ان لدى اسرائيل صواريخ متطورة تحميكم من صواريخ أنصار الله والايرانيين، وحين يسعى السعوديون والخليجيون لشراء تلك الصواريخ من اسرائيل تشترط عليهم الاخيرة تطبيعا علنيا معها قبل موافقتها على ابرام الصفقة.

 

هكذا تعبث امريكا بحلفائها العرب وتدخلهم القفص الاسرائيلي، فيدفعون المليارات لشراء السلاح من اسرائيل ويطبعون معها ويستقبلون قواتها على اراضيهم. فهل يوجد أفضل من هذه المكاسب التي تحصدها اسرائيل دفعة واحدة؟!

 

لكن القصة لم تتوقف عند هذا الحد، فقد تزامن الاعلان عن نشر صواريخ القبة الاسرائيلية في الخليج مع تحركات برية للجيش الاسرائيلي على حدود لبنان، والحديث عن صواريخ مجهول يتم اصطيادها في سماء الرياض.

 

تقول قيادات عسكرية اسرائيلية أن خيارات توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية لمفاعلات نووية ايرانية باتت مطروحة على الطاولة، وأن الجيش الاسرائيلي بات ينتظر الوقت المناسب لتنفيذ الضربة، ولخشيته من صواريخ حزب الله فهو يرتب مسرح العمليات لصالحه على الحدود اللبنانية.

 

هكذا تبدو الرواية الاسرائيلية. ولكن هل تقدر اسرائيل فعلا على الاقدام على اشعال فتيل معركة مع ايران وحلفائها؟.

 

من الواضح ان اسرائيل باتت تختنق فهي تدرك حجم التحركات المعادية التي تجري قريبا من حدودها، وتتوقع ان سيلا من الصواريخ سينطلق نحوها من لبنان وسورية والعراق واليمن مع اللحظة الاولى التي تستهدف فيها اهدافا داخل ايران .

 

لكن شعور الاسرائيليين بالاختناق لايكفي سببا لشن حرب ضد ايران، ولو كان الامر سهلا الى هذا الحد لما اختار الاسرائيليون العمليات المخابراتية في استهداف العمق الايراني ولوجهوا ضربة جوية لمفاعلات ايران كما فعلوا مع العراق حين دمّروا مفاعل تموز مطلع ثمانينيات القرن الماضي.

 

تتذكرون في الاسابيع الاخيرة التي سبقت مغادرة ترامب البيت الابيض، كيف انه حرك طائراته العملاقة وغواصاته في الخليج وتوقع كثيرون انه سيقدم على توجيه ضربة لايران قبيل مغادرته البيت الابيض.

 

لكن تلك التحركات كانت بقصد الردع والتهيؤ، فهو قد اعطى الضوء الاخضر لاغتيال عالم الذرة الايراني فخري زادة وتوقع ردا ايرانيا على هذه العملية، مثلما توقع ردا ايرانيا في الذكرى السنوية الاولى لاغتيال الجنرال سليماني ورفاقه في بغداد.

 

لهذا حشّد قواته العسكرية في الخليج لمنع الايرانيين من رد عسكري في المناسبتين، ونعتقد أن التحركات الاسرائيلية الحالية هي ايضا بدافع الردع والتهيؤ لما هو أسوأ.

 

ولكن لا يتعلق الامر بضربة عسكرية اسرائيلية وشيكة لايران، فقد تكون اسرائيل على موعد مع عمل مخابراتي من نوع آخر داخل ايران قد يستهدف مفاعلاتها او علمائها او شخصياتها العسكرية والسياسية البارزة.

 

وتحسبا لاي رد فعل ايراني تقوم اسرائيل حاليا بالتلويح بالقوة والاستعداد للرد، والا فمن المستبعد ان تكون اسرائيل مستعدة لشن هجوم عسكري مباشر ضد منشآت ايرانية وهي تدرك ان مئات الصواريخ ستنطلق نحوها اذا ما فعلت ذلك.

 

ثم أن اسرائيل التي ترددت في مهاجمة ايران عسكريا في ظل وجود حليفها ترامب الأكثر تهورا في البيت الأبيض، هل تقدر على مهاجمتها في ظل حكومة بايدن الذي لم يظهر ( لحد الان على الاقل) من العداء لإيران ما اظهره سلفه ترامب؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى