فلم حديث عن ( المهدي) في السينما الأمريكية

مرصد طه الأخباري، الايمان بالمهدي( المخلص) وعد رباني بالعدل . هذا فلم أمريكي حديث إستحوذ على إهتمام الكثير من المشاهدين فصار الشغل الشاغل لإستشراف ومناقشة المستقبل العالمي ، وضرورة التفكير بمصير الانسان بعد أن تفاقم الظلم والجور بسبب تنامي نزعة دول الاستكبار العالمي الاستحواذية الافتراسية . رواية الفلم للمؤلف الامريكي فرانك هيربرت ،والاخراج للكندي دينيس فيلينوف .

أسم الفلم ( كثيّب)؛ جمع كثبان رملية. يدور حول كوكب يدعى ( أراكيس ) مليء بمادة ثمينة تساعد على الانتقال بين النجوم ،وسكان هذا الكوكب تسود بينهم نبوءة عن منقذ هو المهدي . الفلم يتحدث عن مسألة (المخلص) المهدوية حيث سيقود المخلص في هذا الفلم سكان الكوكب أراكيس ويعلمهم القتال ثم يقضي على الامبراطورية وجيشها ويمنع إستغلال سكان الكوكب ومواردهم .

الفلم ما زال يعرض في دور السينما وكأنه يختصر تساؤلات وإجابات إنسانية تتعرض لها عقول الناس هناك وبصورة جدية وبالغة العمق ووفق أرضيتهم المعرفية؛ الدينية والثقافية عن الكيفية التي تمتد بها يد الغيب ( يد المخلص، المهدي) لتخليص الانسان من الجور والظلم العالمي المسلط من الامبراطوريات الكبرى على الشعوب والدول الصغيرة .

أمريكا والغرب بعد أن عجز أحرارهما ومفكريهما عن إيجاد حل بشري لتخليص الانسانية من التجبر ،والتغول الامبراطوري بدأوا يلجأون الى التعبير عن فكرة المخلص (المهدي) بطرق مختلفة _ أدبية،فنية ،فلسفية كحل لكارثة الاستغلال الامبراطوري التكنولوجي.

وسواء أكانت فكرة المخلص من إنتاج العقل البشري حين يصطدم بظلم مستفحل وراسخ في السلوك الوجودي الامبراطوري أو كانت ( الفكرة ) أمر رباني لا بد من وقوعه كما يؤمن به المسلمون بدرجات مختلفة وكذلك اصحاب الشرائع السماوية _ اليهودية والمسيحية .

مع إن المسلمين يتفقون بطوائفهم كافة بظهور المهدي ، مع وجود إعتبار فقهي محدد لدى الشيعة الاثني عشرية حيث يعتبرون الايمان بالظهور ركنا من إيمانهم ،وإيمانهم مستمد من الكثير من الايات القرآنية …( ونريد أن نمن على الذين إستضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ) .

بذلك فإن .ظهور المهدي للبشرية جمعاء ( يملأ الارض …) وليس خاصا بدين او ملة أو طائفة ،وبذلك فهو مبعوث رباني حتمي الظهور من أجل أن يعيد أمر الانسان الى ما يريده الله له من عدل وقسط بعدما ملأت الامبراطوريات الارض ظلما وجورا .

ومثل هذا المصير تنتظره الديانات السماوية الاخرى . كحالة نظرية فإن الانسان يرفض الاضطهاد والظلم ويتطلع الى حالة مثالية سلمية ،ومن المؤكد أن من يسهم بالاضطهاد إنما يمارس طبيعة ليست إنسانية وبالتالي فهو ينصب نفسه عدوا لله ورسوله وللانسانية .

إن بعض مفكري دول الشمال وهم يوثقون فكرة المخلص في دينهم ثم ينتج آخرون هذه الفكرة في فلم أو أفلام إنما يؤكدون أن ( فكرة المهدوية البشرية ) أو ( أمر المهدي الرباني ) إنما هي في أي تفسير مهما إبتعد فإنه سيبقى في نطاق الارادة الالهية لتخليص الانسان الذي كرمه من براثن الاستعباد والاستغلال ،وقد تجلى ذلك على مر التاريخ بتأصل مبدأ الامل في عمق الثقة بقدرة الله جل وعلا على تكريم خلقه ، مهما كانت طريق فهم الخالق لدى الانسان أو الشعوب .

أزاء ذلك كله ندعو كل أولئك المتصارعين على حياة ضيقة الافق محصورة في لحظة من عمر الكون فنقول لهم أن لا مناص من ظهور صاحب العصر والزمان ،وإن ميزان عدله ميزانا ربانيا لا يفلت منه واهم ،وإن المسير الى جوار ما نعلمه عنه إنما هو سعادة الدنيا والاخرة ، وليس من العدل مع أنفسنا أن يفكر غيرنا بما ينبغي لنا أن نفكر به قبله ، فهم سيملأون زوّاداتهم من علمهم به ليسلكوا ما يريده من سلوك ،ونحن نذكره بلا هواده ونتناسى متطلبات نصره بلا هواده. الايمان بالمهدي وظهوره هو من مفاتيح السلوك القويم ، ولننظر الى جمهورية إيران الاسلامية وهي تخطو خطى واثقة نحو القوة والمنعة والثبات والحفاظ على كرامة الانسان لديها وفي أماكن أخرى كثيرة بما فضل الله عليها من إقتدار ، فكيف تسنى لهذه الدولة النامية أن تسمو الى المستوى الذي أصبحت فيه منارا ونبراسا للاحرار في العالم ، ولا يخفى على أحد أن من أركان بنائها الراسخ هو إيمانها الفكري والعملي بالامام المهدي عليه السلام وبظهوره الذي سيقوض كل الامبراطوريات التي إعتدت عليها وعلى المظلومين من خلق الله المكرمين .

دول الاستكبار العالمي تفتش في عمق أسرار الحياة والموت ، وتحاول تلمس مسالك جديدة قد تمنحها طرقا غير معهودة تتلافى فيها ما إقترفته في تاريخها فتنسجم مع ما إكتشفته من مضامين فلمها وغيره . …يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم .

سميرة الموسوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى