ما هِي حقيقة طائِرَة “كوثر” الإيرانيّة؟ وما هو الرد الإسرائيلي عليها؟
الكاتب: خالد الجيوسي
من الجيّد، أن تقوم الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، بلعب لعبة الاستعراضات العسكريّة بين حينٍ وآخر، كان آخرها الكشف عن طائرة “كوثر”، وهي طائرة بحسب مُصنّعيها صُنِعَت محليّاً بنسبة مئة بالمئة، وهي مُزوّدة بمنطومات مُتطوّرة، وقد عُرِضَت أوّل مرّة بحُضور الرئيس الإيراني حسن روحاني، والذي ظهر جالساً في قُمرة قيادتها، مُؤكِّداً أنّ الأعداء يعرفون أنّ الاعتداء على إيران مُكلِف جدّاً.
اللافت بعد استعراض إيران لطائرتها، أنّ “العدو” الإسرائيلي كان حاضِراً، بل ومُراقباً لهذه الخطوة غير المسبوقة، فدخول الجمهورية الإسلاميّة مجال صناعة الطائرات، أمر بالغ الخُطورة، ويُهَدِّد وجود الكيان الصهيوني، خاصَّةً أنّ الأخير وإلى جانبه العربيّة السعوديّة يَملُكان أقوى وأكبر سلاح جو في العالم بعد القِوى العُظمى.
وزير الدِّفاع الإسرائيلي إفيغدور ليبرمان قام بالتَّعليق على “كوثر” قائلاً أنّه يجب عدم أخذ جميع الأحاديث الإيرانيّة على محمل الجد، ولكن من جهةٍ أُخرى عدم الاستهتار بها، مُعيداً التأكيد على أنّ جيشه أقوى جيش في الشرق الأوسط، وقادر على الوصول إلى أي نقطة فيه، وجاهز للقِتال على جبهتين، شمالاً، وجنوباً.
لفت أنظار السَّاعين إلى مُحارَبة وإسقاط النظام الإيراني إلى قوّته، هو الغاية “الذكيّة والمُراوِغة” من استعراض إيران لقوّتها العسكريّة، الصَّاروخيّة، والجويّة، وإن كان هُناك تفاوت وقُصور في القُدرات الجويّة، وهذا يعود بالطبع للعُقوبات المفروضة على الجمهوريّة الإسلاميّة، ومنعها من استيراد حاجاتها، لتصنيع طائرات، وهي صناعة تحتاج ليس فقط للعُقول التي تمتلكها إيران، بل إلى المُعدّات والمواد التي تُسهم في تقديم “أفخر” أنواع الطيران الجوّي، والذي يُمثّل تفوّقاً بالنسبة لإسرائيل مُقارنةً بسلاح الجو الإيراني.
اللَّغط الحاصل حول حقيقة تصنيع الطائرة الإيراني بشكل محلّي مئة بالمئة، وما كشفته مواقع غربيّة مُختصّة بتصنيع الطيران الحربي، حول الطائرة التي هي بالأصل طائرة أمريكيّة من طِراز قديم تحمل اسم إف 5 تايغر أمريكيّة الصُّنع، وهي من مُخلّفات نظام الشاه الإيراني، والذي كان يشتري الطائرات الأمريكيّة بطبيعة تصنيفه الملكي “المُعتدل”، على عكس نظام “الثورة الإيرانيّة” المُقاوم، والمُصنّف بالتهديد الأوّل على دولة الكيان الغاصب، مع حزب الله اللبناني، والممنوع من شراء طائرات فخر الصناعة الأمريكيّة، وحتى حليفته الروسيّة.
باعتقادنا سواء قامت إيران بصناعة طائرتها محليّاً، أو طوّرتها وأضافت إليها تقنيات العصر الحالي، فهذا لا يُقلِّل من هيبة حُضورها، كدولة عسكريّة، تُخصّص ميزانيات للإنفاق والبحث العسكري، وأمام كل هذه العُقوبات، والحظر المفروض الذي يرغب حتى في منع الهواء عن قادتها، وشعبها، وحتى لو دخل هذا في فن الإيهام، والخداع الإعلامي، الذي اعتبره البعض “فضيحة” كشفت حقيقة الطائرة، فالحرب خدعة، والغُموض الذي يكتنف القُدرات العسكريّة الإيرانيّة، يُشكّل رادعاً، بل وفضولاً جاء على لسان وزير دفاع “العدو” ليبرمان، فالأخير قال بعظمة لسانه: لا يمكن أخذ الأحاديث الإيرانيّة على محمل الجد، ولكن “لا يُمكِن الاستهتار بها” كذلك!
اللِّيالي المِلاح، والأفراح التي انتشرت في أوساط الإعلام الخليجي بعد الكشف عن حقيقة الطائرة الإيراني، وهو كشف لم يبرع هو ذاته في رصده، بل كان مُجرّد ناقلٍ للخبر، لا يُلغي حقيقة أن الجيش الإيراني قادر في أقلّه على تطوير طائرات جويّة بتقنيات عصريّة، وهذا في حد ذاته قد يوصل لصناعة الطائرات المنشود، كما لا يُقلِّل من حقيقة الحُضور الإيراني الطَّاغي الذي تسعى الولايات المتحدة ذاتها لتغيير سلوكه كما تقول، وأنا لو كُنت في منصب قيادي في دولنا العربيّة، لأعطيت الضُّوء الأخضر لعُقول العلماء في بلادنا، وطلبت منهم التعرّف على تقنيات وصناعة الطائرات الحربيّة التي يمتلكها أسطولي الجوّي المُتطوِّر “أمريكيّاً”، فلا أحد يعلم متى تنقلب الأخيرة “عليّ”، أو تفرض “عليّ” عُقوباتها، وفي حينها قد لا ينفع النَّدم!
كاتب وصحافي فلسطيني