استفيقوا ياعرب قبل أن تغرب الشمس الأخيرة..!.. ماذا يقول التاريخ الذي لا يرحم؟…ماذا ترى الكرة البلورية في العام الجديد؟..

مرصد طه الأخباري، تكاد تتبقى ورقة أو إثنتان صفراوتان من شجرة العام الحادي والعشرين ، عام تبخر بسرعة لكن تركاته تراكمت مثل مقذوفات بركانية ترامت في كل مكان ونالت كل موضع ، الرماد يتطاير في كل مكان والأحزان تتوقد من تحته   ،  مع اقتراب المصير المسحور لنهاية هذا العام تتكدس الذاكرة  بكل الموجعات وأهوال العصر وفتوحات التاريخ المعيب والذاكرة الخجلة ،  يتكشف المشهد العربي في كل حدث عن مزيد من الحقائق التي كانت مدفونة تحت جبال من أكاذيب الوطنية والتدين والشعارات المقدسة والتي يتبين أنها مجرد مهلوسات وحبوب مخدرة تضخ عبر قنوات وأنابيب الاعلام لتحشو حياة المواطن بالهراء والخداع الأسطوري إلى الأبــد ، مقابل ذلك تتكشف روح جديدة لم نكن لنرها من قبل..!

لن يكون السؤال ماذا حصدنا  من حقل الشوك المر في العام المذكور لأنه كسائر الأعوام العربية مليء بما لا يسر البال إلا قليلا  ، السؤال الأكثر أهمية : ماذا وجدنا كشعوب وماذا  ينتظرنا ؟ ما هي بعض مشاهدات البلورة السحرية  لبلاد تقف عاجزة منذ عقود ومكبلة منذ عقود وفاقدة لرأيها وقرارها ورؤيتها..؟

أولا : من النتائج التي توصلنا إليها كشعوب أننا أصبحنا نخاف من الأنظمة العربية أكثر من خوفنا من أعداء هذه الأمة..! الخوف لا يتوقف فقط عند تواطؤ او مشاركة هذه الأنظمة في أفعالها ضد شعوبها وضد التاريخ والمستقبل بل تعدى ذلك إلى الخوف على شكل الدولة العربية وشكل الكيان العربي ، فإذا اعتبرنا الإنجازات بمثابة المقياس الفعلي لوجود الدولة فما هي انجازات هذه الدول ؟ ما هي خططها السنوية لمواجهة تحجرها وتخلفها المستمر والهزيمة العالمية في كل الميادين ؟ كيف يمكن لدول أن تضمن بقاءها وهي لا تمتلك خطة لأي شيء ؟ كيف يمكن لدول أن تضمن الأمان لمواطنيها بينما أكبر انجازاتها  قمع شعوبها والدوس على صوت جمهورها أو الحصول على القروض من البنوك الأممية أو بافتتاح دورة مياه في مسجد أو حبس الناس في بيوتها بحجة حمايتها ؟ أين هي خطط المستقبل ومواجهة التصحر ؟ أين هي خطط التنمية ومواجهة البطالة والفقر ؟ أين هي خطط صناعة القادة والمبتكرين والمفكرين والأدباء والمنتجين الصناعيين ؟ أين هي ضمانات الديمومة ومواجهة مخاطر العالم المتفجر من حول المواطن العربي؟.. أين هي خطط مواجهة الغلاء وسحق الفقراء؟.. أين خطط مواجهة العدو الصهيوني الذي بدء ينفذ من مسامات البلاد ويسرق الأرض امام أعيننا..؟.

ثانيا  : يمكن الان ومع نهاية هذا العام قراءة شكل المواطن العربي الجديد الذي أنتجته الدولة العربية التي تعرضت لضائقة وخديعة العصر المسماة بجائحة كورونا ، المواطن المنتج من هذه الكيانات هو المتحور الرئيسي عن شكل مواطن العصر وليس الفيروس لأن الحكومات العربية تمكنت من إنتاج شيء اسمه المواطن الزومبي ، نصف الحي ونصف الميت !  حي لأنه يمتلك بقية باقية من النشاطات الجسدية كالأكل والشرب والتنفس والتألم  ولكنه ميت لأن حياته صودرت وجرى حصاره وتجفيف مصادر معيشه من خلال خديعة الحصار – الحظر – الإجراءات الوقائية – الغلاء المعيشي – البطالة – التكتيم والتعتيم ومصادرة احلامه العالية إلى الأبد – تحويله إلى منتصربالظفر بربطة خبز او كيس من البقالة  هذا النموذج المرعب  مصنوع لغاية معينة ، لقد أصبح أكثر من ثلثي المواطنين في العالم العربي مهددين بالفقر والتجويع والفقر الغذائي والمعيشي لعشر سنوات على الأقل  ، فساد شامل في التعليم والصحة والقطاع الزراعي وفشل كامل في إدارة شؤون البشر الذين صاروا لاجئين مشردين في أوطانهم الكرتونية ، هبوط بعشر درجات في سلم الإنسانية وتلاشي فرص الأمان الوجودي  بعد اول اختبار لقدرة الدولة على وفائها لأهلها وسكانها.

ثالثا : نحن كشعوب نقف في مواجهة جديدة من نوعها ،  ولفهم ذلك درجت العادة أن الكيانات الاستعمارية القديمة والجديدة تحتاج دوما إلى نظرية دينية أو علمية لكي تستند إليها في تحقيق مذهب الاستيلاء والقتل ومنحها نوعا من الشرعية والأهلية لتحقيق  ( وعد إلهي أو إنقاذ إنساني أو حماية أقليات وحقوق إنسان أوإنشاء كيانات ديموقراطية )  هذه النظرية العلمية أو الدينية تتمتع بشقين أو خطين متوازيين ، الخط الأول يمنح صاحب الحجة الأحقية التاريخية وهالة الوعي والتمكن الفكري الأكبر وقداسة الفكرة والفعلة ، الشق الثاني يتكفل بنزع السمة الإنسانية عن الضحية وتسويغ فعل كل ما يخطر في البال بها وإقناع سائر البشر بصحة وجواز ما يحدث  ، في فترة الغزوات والاغتيال التاريخي لآفريقيا واستعباد العرق الأسود ، كانت النظرية هي أن الأفارقة يوجد في داخل جماجمهم ثقوب طبيعية تحول دون تكامل إنسانيتهم ووعيهم وارتقائهم إلى منزلة العرق الأبيض ولذلك جرى ســلخ جلودهم أحياء وسرقت بلادهم وثرواتهم وذبحوا وامتهنوا وسخروا للاستعباد، في الحروب الصليبية حتى القرن الثالث عشر  كانت النظرية الدينية جاهزة بأن الله يأمر جنود المسيح  بالدفاع عن الصليب !  ولذلك تم الفتك بثلاثة ملايين إنسان على الأقل ظلما وبهتانا تحت قداسة الصليب والصليب من ذلك براء  !    في اواخر القرن التاسع عشر كان النهم الغربي الاستعماري والرأسمالي تحديدا يشحذ أسنانه و يتطلع إلى نظرية جديدة لتبرير أكل وطحن العالم بأكمله لذلك كانت المشتقات الفلسفية والاجتماعية والسياسية لنظرية دارون  ومالثوس  جاهزة ومحماة على النار لتكون رأس الحربة في غزو العالم الجديد الذي اشتعلت النار فيه من كل مكان وراح ضحية لذلك 50 مليون  إنسان وتغير شكل العالم..!

في الزمان الذي نعايشه الان هنالك مبرر جديد مضاف للسابق  لخلق العالم الجديد   اسمه كورونا..! ……..وتحت ذريعة حماية البشرية وتلافي مخاطر الفيروس اللعوب سيتم فعل العجائب بشعوب الأرض تحت ذرائع ومسوغات طبية وصحية موقعة من أعلى وأعتى المرجعيات العلمية دون رحمة ولا شفقة ولا إنسانية لأن القرار السياسي يقف في الخلف  ، نظرية الوباء ستكون المشرع القانوني الجديد لقتل وترويع وتجويع وحرمان شعوب بأكملها وإعادة نهب ثروات ومقدرات هذا الكوكب وإعادتها لسلسلة البنوك ورؤوس الأموال التي تحكم القبضة على هذا العالم وتتيح الفرصة للدولار الأمريكي لمواجهة اليوان الصيني وغيره من المهددات الاقتصادية والمالية ، تحت نظرية الوباء ستعود الريادة العلمية وزمام الاكتشافات المؤثرة إلى معقلها الرأسمالي والعرق الأبيض الأفضل والأقدر حتى لو تطلب الأمر إبادة العرق الأسود والأصفر والأحمر والرمادي..! تحت ذات النظرية سيكون هنالك الاحتكار والتحكم والاستغلال بأبشع صوره لمفهوم التضخم المالي والغلاء واغتيال أعتى اقتصاديات الدول التي ستحاول النهوض في وجه الشيطان الأكبروالمرحلة التالية من كورونا في طريقها.

رابعا : من الواضح والمعروف أن القدرة العلمية الواسعة للدول الرأسمالية تحديدا مكنتها من التنبؤ والإطلاع على معطيات متعلقة بالكوكب والموارد والمناخ ، كل ذلك أمكن فعله من خلال الأبحاث العلمية الدائمة للجماعات الغربية ومراكز الأبحاث الخاصة والحكومية  ، ومن خلال أيضا ما يعرف بإسم النمذجة الحاسوبية التي أصبحت من اهم عناصر القوة المفرطة لمن يدير عالم اليوم ، كل الحقائق والدلائل تشير منذ زمن ليس بعيد بأن مناخ الأرض مقبل على دورة مناخية لا تحمد عقباها ولا يؤمن شرها !  طبعا مثل هذا الأفكار لا يمكن ان يؤمن بها زعيم عربي او يضع خططا مستقبيلة لها ولا يمكن للمواطن العربي كثقافة  أن يفكر بأهمية مثل هذه المعلومات …….ربما تكون خطة كورونا تفسيرا ما في جانب منها لترجمة المخاوف من هذه المعلومات.

الكيان الصهيوني والذي يمثل ضمير الخطوة العسكرية الاستباقية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط يدرك جيدا هذه النقطة لأن من خلفه قوة علمية هائلة تقبع بعيدا في الولايات المتحدة  ولهذا السبب فهو يتحرك من مرحلة التحوصل والانكفاء على الداخل ( والتي استغلت جيدا في العقود الماضية للبناء والتمكين ) وانتقل إلى مرحلة التمدد شرقا وغربا من أجل ضمان المراحل التالية من الهيمنة والاستحواذ   ، في المراحل التالية سيكون اللعب على القواعد الأساسية القديمة للتحكم في الشعوب والدول من خلال نقطتين جذريتين  فقط هما : الزرع  والماء ! خاصة في منظومة إقليمية فاشلة لدول تعجز عن تأمين احتياجات سكانها من الماء والغذاء والإدارة الصحيحة   ، لهذا السبب يحتاج الصهاينة المساحات العربية الأكثر انخفاضا لأنها الأكثر دفئا والأكثر رطوبة والأعلى في نسب بؤر المياه الجوفية بحكم الجاذبية الأرضية والسياسية، الفكرة المفترضة هي أن دولة الكيان تتوقع وتؤمن بأنها ستكون المركز الغذائي الاقليمي الذي بدونه ستموت دول العرب من الجوع والعطش بل وحتى كوكيل وموزع حصري  للطاقة الكهربائية والنووية وربما الشمسية..!.

خامسا : فيما يتعلق ببؤر المقاومة المناهضة والمعاكسة للمشروع الصهيوني فمن الواضح أن الخطة الصهيونية تقتضي باستمرار فكرة ثلاثية الأضلاع :  الحصر والتأطير والفوضى ، الحصار يعني فرض القيود والشروط الدولية على كل موقع فيه جهة تعارض التيار الصهيوني بحيث تطبق شرعية التجويع التقني والتسليحي والمعيشي والتنكيد من خلال إفشال الدولة وزرع الفوضى وانعدام الاستقرار ، النموذج في غزة هو الأفضل والأذكى للحصارحيث يتكامل بكل أركانه  ، النموذج اللبناني يمثل مرحلة ناضجة من إحاطة المقاومة بكل العناصر المشتعلة اللازمة لتوفير حالة التذويب الذاتي الداخلي ، في حالة ايران فالعقوبات بكل صيغها هي الترجمة الحرفية لفكرة الحصار بهيئته الدولية الشمولية.

سادسا :  الداء الأساسي الذي تمت زراعته في الوطن العربي اسمه الفســاد ! والذي تبلور وتجلى وكشف عن نفسه بأقصى سعة خلال أزمة كورونا ،   ولهذه الزراعة وضعت ومنذ سنوات  أبواغ خفية من مسؤولين وصحافيين وأصحاب ثروات وأموال  وأنوية مشاريع استثمارية كلها عملت معا في نسيج واحد لإفساد وتخريب كل شيء في حياة الشعوب والتحكم بمعاملات الوظائف والغلاء والمشاريع وإحاطة البشر في كل تفصيل إلى درجة الكفر بالبلاد والعباد  ودب اليأس والموت من التفكير  ،  في المدى المنظور للكيانات العربية التي احتضنت الفساد و قدمت كل أشكال الدعم والمؤازرة ومنحت الشرعية للكيان الصهيوني فالمصير المحتوم يقره قانون حفظ المادة ! فما يتضخم من جهة سيكون على حساب تآكل الجهة المقابلة..! ولهذا السبب فكل الدول التي سارعت إلى الارتماء في الحضن البارد الاسرائيلي ستكتشف وسريعا أنها تحولت الى ضحية جديدة جرى امتصاص دمها لآخر قطرة ثم تركت لتلقى مصيرها بمرارة.

سابعا : كل ما سبق يمثل حقائق منتجة لفكرة الخوف والرهبة من المستقبل ومما يحدث لكيان الدولة العربية على يد حكامها  ، مقابل ذلك هنالك هنالك اكتشافات مضادة تم اكتشافها في ذات العام ، أولها أن فكرة النصر والصمود والتحرر العربي هي فكرة ممكنة ومتاحة بإمكانيات محدودة لا تحتاج تفكيرا كثيرا بل مجرد العودة إلى نداء الجذور  ، نموذج معركة سيف القدس الذي تصدرته المقاومة الفلسطينية في غزة عندما لبت نداء البلاد من حي الشيخ جراح أعاد إحيـــاء روح هاجرت البلاد العربية والإسلامية منذ زمن طويل  ، نجم فلسطين الذي جعلوه في زجاجة  تمكن من إرتقاء السماء العربية وألقى شعاعه وتمكن من إعادة النذر لكل الشعوب العربية  ، وعلى الرغم من سعة وحجم المؤامرة على الشعوب وتجذير فكرة الهزيمة في كل تفاصيل وعيها وحياتها إلا أن غزة صنعت معجزة إحياء الموتى وكسرت القبة الحديدية وأرغمت بني صهيون وأتباعهم على إعادة التفكير بكل خططهم ومسارات مؤامراتهم ومنحت الشعوب العربية نافذة امل جديدة تهم كل عربي من المحيط إلى الخليج وأحدثت ارتجافا زلزاليا في المشهد المنسي.

ثامنا : من المصائب الكارثية التي أفرزتها المرحلة السابقة والسنة الماضية أن الكثيرين يظنون بأن أعداء الأمة إنما يوجهون حربهم ضد قوى المقاومة والمعارضة ولا علاقة لهم بالشعوب !   لم يعد من شك أو نقاش بأن الشعوب هي المستهدف الأساسي  وإنما هذه المقاومة تحاول حفظ كرامة الأمــة وتحاول الذود عنها  ، المعركة القادمة هي الفصل وسيكون اسمها معركة الحسم الأخير والوعد الأخير والتي تتطلب من المقاومة العربية بكل أطيافها ايجاد سبل التوحد والتلاحم والقرار الموحد وإعادة الشعوب العربية إلى مكانها الطبيعي من المعركة وليس بقاءها على الحياد أو بموقف المتفرج ، الغزوات الأمريكية والغربية على بلادنا ستؤول إلى الفشل والهزيمة لأسباب عديدة أولها أنهم لم يتمكنوا من غسيل دماغ الشعوب من الفكر الإسلامي المقاوم ، وثانيها أن زراعة الفساد والفقر والخراب تنتج أجيالا كاملة من الخاربين كما هم يرسمون  ولكنها بنفس المعية تنتج أجيالا مكافئة من الثائرين والمدركين الذين لا يمكن أن يقبلوا الذل ولا المهانة،

الاستيقاظ من السبات يبدا بالسلوك الفردي ليكون جزءا من سلوك جماعي يوما ما ……..مما نراه ويحدث نحتاج غسلا يوميا لكثير من أنماط تفكيرنا وعاداتنا وجهلنا الذي اعتدنا أن نعيش معه جيدا وبتصالح تام .ا

………. دولة الكيان إلى زوال  وكل الأنظمة التي فرطت بحقوق الشعوب إلى زوال ……….والله لايضيع أجر المحسنين … وإن غدا لناظره لقريب…

المهندس:خالد شــحام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى