ماهو دور أشهر جاسوسة مصرية للموساد في مقتل أكبر قادة الجيش المصري في ساحة المعركة؟

مرصد طه الأخباري، انشراح موسى: المصرية التي أصبحت الجاسوسة الإسرائيلية دينا بن ديفيد

فمن هي العميلة انشراح موسى؟

كانت العميلة انشراح موسى من بين الجواسيس الذين عملوا لحساب إسرائيل عقب حرب يونيو/حزيران 1967، وقد نجحت المخابرات المصرية في إلقاء القبض عليها وعلى زوجها العميل ابراهيم شاهين وأولادها الثلاثة نبيل ومحمد وعادل عقب حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.

وُلدت انشراح عام 1937 في محافظة المنيا في جنوب مصر، وحصلت على الشهادة الإعدادية عام 1951

حقائق عن اسرائيل

وبعد المرحلة الإعدادية تعرفت على ابراهيم شاهين في حفل زفاف أحد أقاربها، وخلال فترة قصيرة تزوجا وانتقلت للعيش معه في العريش حيث كان يعمل محاسبا بمكتب مديرية العمل هناك. مرصد طه الأخباري

وقد اتُهم زوجها ابراهيم شاهين بالرشوة ودخل السجن لعدة أشهر، ليخرج منه عاطلا عن العمل.

وفي نفس الفترة وقعت حرب عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي لسيناء، فيما كانت إسرائيل تعمل على تجنيد عملاء. مرصد طه الأخباري

وقد تعرف ابراهيم شاهين على الحاكم الإسرائيلي في سيناء عقب هزيمة 196،طه حيث كان الانتقال من العريش للقاهرة يتطلب موافقة السلطات الإسرائيلية، وكان شاهين يرغب في الذهاب إلى القاهرة للاطمئنان على أبنائه الذين كانوا يعيشون لدى شقيقه أثناء فترة الدراسة فضلا عن أنه كان يذهب لمكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي لطلب الطعام.

فتم تجنيد ابراهيم شاهين، وقد قدم له ضابط الموساد الذي جنده إغراءات وتعهد بإغداق النقود عليه وتأمين الحياة لاسرته في العريش.

وعندما سألت انشراح زوجها عن مصدر الأموال التي بحوزته، كشف لها عن العرض الإسرائيلي فرحبت بذلك المال.

احتلت إسرائيل سيناء في حرب 1967

وتلقى الزوجان تدريبات على استخدام الحبر السري والرسائل المشفرة، كما تم تزويدهما بأحدث الكاميرات لتصوير المواقع العسكرية، كما تلقيا تدريبا متقدما على تمييز مختلف الأسلحة والمعدات العسكرية وأنواعها.

كيف غيرت ستة أيام الشرق الأوسط للأبد؟

وثائق استخباراتية تكشف أسرارا جديدة عن حرب أكتوبر 73

وبات ابراهيم وإنشراح يحملان في الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” الاسمين المستعارين موسى حاييم ودينا حاييم.

التجسس

قام العميل ابراهيم شاهين بتجنيد الأبناء الثلاثة الذين عملوا على مصادقة أبناء الضباط لمعرفة مواعيد ومواقع عمل آبائهم.

وسافر العميل ابراهيم مع أسرته إلى القاهرة حيث شرعوا في العمل في جمع المعلومات وإرسالها إلى تل أبيب.

وقد نجحوا في إرسال معلومات استخدمتها إسرائيل في استهداف الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري خلال فترة حرب الاستنزاف.

وقد سافر العميل ابراهيم شاهين وزوجته انشراح موسى عدة مرات بعد تجنيدهما إلى إسرائيل، وحصلا عقب حرب أكتوبر/تشرين الأول من عام 1973 على جهاز لإرسال الرسائل المشفرة، حتى يتمكنا من إرسال المعلومات إلى تل أبيب بسرعة.مرصد طه الأخباري

وبين عامي 1967 و 1974، وهي المدة التي تجسست فيها الأسرة لصالح إسرائيل، قاموا بإرسال بيانات عن المجتمع المصري بالإضافة إلى صور مواقع حساسة للجيش المصري.

السقوط

لكن المخابرات المصرية تمكنت من التقاط ذبذبات جهاز الإرسال الذي أمدتهم به إسرائيل، وألقت القبض على  العميل ابراهيم شاهين في 5 أغسطس/آب من عام 1974.

وفي ذلك الوقت، كانت العميلة انشراح في رحلة إلى العاصمة الإيطالية روما لمقابلة أحد ضباط الموساد، وعادت إلى مصر في 24 أغسطس/آب من عام 1974، وعند وصولها إلى مصر فوجئت بضباط المخابرات المصرية يلقون القبض طه عليها، واعترفت أمام جهات التحقيق بعملها كجاسوسة لصالح إسرائيل.

 

وتحت عنوان “الكشف عن أخطر قضية جاسوسية لحساب إسرائيل” كشفت صحيفة الأهرام المصرية في عددها الصادر في الذكرى الأولى لحرب أكتوبر/تشرين الأول من عام 1973 عن تفاصيل شبكة الجاسوسية.

 

وقال تقرير الأهرام إن العميل ابراهيم شاهين اعترف بأن الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” وعدته بمليون دولار إذا أبلغ إسرائيل عن استعدادات مصر العسكرية للحرب.

وبحسب ما ورد اكتشفت المخابرات المصرية جهازا لاسلكيا صنعته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “سي آي إيه”، وهو الأكثر تقدما في العالم في ذلك الوقت ويمكنه إرسال رسالة في 12 ثانية فقط.

صفقة تبادلية

وقد أُدين العميل ابراهيم شاهين و العميلة انشراح مرسى وحُكم عليهما بالإعدام شنقا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1974.مرصد طه الأخباري

وحُكم على الابن الأكبر بالسجن 5 سنوات، ونُقل الشقيقان الأصغر إلى دار للأحداث.

بعد قضاء انشراح 3 سنوات في السجن، أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات عفوا عنها

وقد تم إعدام الزوج في عام 1977 بينما عملت إسرائيل على تأجيل تنفيذ حكم إعدام الزوجة.

وقد تم الإفراج عن العميلة انشراح مرسى كجزء من صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل شملت أبناءها الثلاثة.

فبعد قضائها 3 سنوات في السجن، أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات عفوا عنها لإعالة أولادها في يناير/كانون الثاني من عام 1977، وتم تسليمها رسميا للعدو الإسرائيلي.

الحياة في إسرائيل

احتُجز الابنان الأصغر في دار للأحداث لمدة عامين في مصر، بينما سُجن الأكبر لمدة 5 سنوات.

وفي عام 1979، قرر العميل عادل شاهين أصغر الأبناء مغادرة مصر، وعبر سيناء بمساعدة مرشد بدوي ووصل إلى قطاع غزة الذي تحتله إسرائيل بعد 3 أشهر من توقيع إسرائيل ومصر اتفاقية السلام بينهما، وبعد وصوله إلى إسرائيل غير اسمه إلى رافي بن ديفيد.

وبعد وصول بقية أفراد الأسرة في نهاية المطاف إلى إسرائيل كان رافي بن ديفيد هو أول من اعتنق اليهودية في عائلته، ثم حذت والدته وشقيقاه في وقت لاحق حذوه، وباتت العميلة انشراح مرسى تحمل اسم دينا بن ديفيد بدلا من الاسم المستعار دينا حاييم، كما تحول نبيل ومحمد إلى يوسي وحاييم.مرصد طه الأخباري

وقالت العميلة انشراح مرسى في تصريحات صحفية أدلت بها في إسرائيل في منتصف ثمانينيات القرن الماضي: “إن كل من يمارس العمل السري يعرف كيف يحافظ على السر”.

وأضافت قائلة: “حتى اليوم لم يعرف أحد عن حياتنا السابقة شيئا، سوف يكون الأمر مفاجأة للجميع حيث لم يعرف أحد حتى اليوم أننا كنا جواسيس لإسرائيل في مصر”.

قال رافي بن ديفيد، الذي توفي في العام الماضي، إن والده حذر الموساد من الهجوم المصري في عام 1973

ولكن في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1989، اتهمت  العميلة انشراح مرسى المسؤولين الإسرائيليين بعدم تقدير الخدمات التي قدمتها هي وعائلتها لإسرائيل.

وزعمت موسى أنها وزوجها حذرا الموساد من عملية عسكرية وشيكة من قبل الجيش المصري في 6 أكتوبر/تشرين الأول من عام 1973 ، لكن الاستخبارات الإسرائيلية تجاهلت تلك المعلومات.

من جانبه، قال رافي بن ديفيد لإذاعة الجيش الإسرائيلي لاحقا : “قبل شهر من الحرب، جمعنا أبي معا وسمعنا منه أن مصر تخطط لمهاجمة إسرائيل في الشهر المقبل، لقد نقل تلك المعلومات في 5 رسائل إلى المخابرات الإسرائيلية”.

وأضاف قائلا: “لقد شعرنا بأننا إلى جانب أصدقائنا، وليس إلى جانب المصريين”.مرصد طه الأخباري

وقال: “لقد عشنا هنا عدة سنوات ولا أحد يعرف من نحن وكم ساهمنا في دولة إسرائيل، لقد دفع والدي حياته ثمنا. والآن، من أجله، أريد أن تعرف الدولة بأكملها من هو ابراهيم شاهين”.

“غير نادمة”

قالت العميلة انشراح مرسى في تصريحات صحفية ذات يوم إنها لم تندم على التجسس لصالح إسرائيل.

لكنها أضافت أنها تشعر بالمرارة بسبب وضعها الاقتصادي، معتبرة أنها وزوجها ابراهيم شاهين عملا في المخابرات الإسرائيلية منذ عام 1967 حتى تم القبض عليهما في عام 1974.

وقالت العميلة انشراح موسى:” لقد صورت كل مطار وكل قاعدة عسكرية وكل جسر في القاهرة، وتم إخفاء الأفلام التي أُرسلت إلى إسرائيل، فكل 6 أشهر كنا نرسل أكثر من 40 لفافة أفلام”.مرصد طه الأخباري

واعترفت بأنها وزوجها تجسسا من أجل المال حيث كان يحصل كل منهما على 1750 دولارا في الشهر.

وبعد ذهابها إلى إسرائيل، دفعت الحكومة 25 ألف دولار لكل واحد من أبنائها، لكنها لم تتلق شيئا، على حد زعمها.

وقالت إنها تعمل طاهية مقابل 500 دولار شهريا. وقد سافر أحد الأبناء للبرازيل مع زوجته الإسرائيلية، بينما عاش الابنان الآخران مع انشراح موسى في إسرائيل.

وكان رافي بن ديفيد قد كشف قبل وفاته أن اسم والدته الحقيقي هو انشراح علي مرسي وليس انشراح موسى.

وتحدث في حواره لموقع”القاهرة 24″ مؤخرا عن تفاصيل تجنيد والدته في الموساد حيث قال: “سافرت والدتي إلى بئر السبع بصحبة والدي والتقيا ضابط الموساد أبو نعيم حتى يتم تجنيدهما، وتطوير أدائهما، بعد أن تيقن أنهما تحت سيطرته تماما، ويريدان التجسس لصالح إسرائيل”.

وأضاف قائلا: : “كان أسفل منزلنا في العريش كابينة عسكرية فأبلغ والدي ضابط الموساد الإسرائيلي أبو نعيم بجميع التفاصيل الخاصة بها”.

وقال رافي بن ديفيد: “بدأت معرفتي بقصة التجسس في المرحلة الإعدادية وكان عمري وقتها 11 عاما، ونسكن في حي الأميرية، وكان أبي يمتلك سيارة فيات، وفي أحد الأيام وتحديدا في مطار قويسنا بطريق مصر الإسكندرية الصحراوي، سمعت أبي يقول لأمي وهو يقود السيارة يلا يا حبيبتي يا شوشو طلعي الكاميرا وصوري المطار الحربي”.

وتميل مصادر أمنية إسرائيلية إلى التقليل من أهمية دور هذه العائلة في شبكة الاستخبارات الإسرائيلية في مصر بحسب تقارير إعلامية.

ونُسب لأحد تلك المصادر القول: ” إنه تم توظيفهم لجمع المعلومات الأساسية، وهم لم يصدروا قط تحذيرات مهمة بشأن حرب يوم الغفران”.مرصد طه الأخباري

وقدمت الدراما المصرية في عام 1994 مسلسلا باسم “السقوط في بئر سبع” الذي جسد حياة هذه العائلة، ولعب فيه الفنان الراحل سعيد صالح دور الزوج العميل ابراهيم شاهين فيما جسدت الفنانة إسعاد يونس شخصية العميلة انشراح مرسى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى