سوريّة : سر الانتصار بدلاً من الانهيار

مرصد طه الأخباري، بالرغمْ من التحولات و التغيّرات الدولية الاستراتيجية ، التي شهدها العالم ، وفي جميع الميادين ، وبالرغم مِنْ الحرب الكونيّة التي استهدفت سورّية دولةً و شعباً،طه حافظت جمهورية سوريّة العربيّة على مسارها السياسي ،و تمسّكت برؤيتها الاستراتيجية تجاه علاقاتها السياسيّة عربياً و اقليمياً و دولياً : رؤية قائمة على الصمود و على النضال  من اجل الحفاظ على الدولة وعلى تحرير اراضيها المُحتلة و هضبة الجولان ،وعلى رفض الاعتراف بالكيان الصهيوني و على دعم حقوق الشعب  الفلسطيني وفصائل المقاومة  .

التمسّكُ  بهذه الرؤية فرضت على سوريّة الارتباط مصيرياً و استراتيجياً بروسيا و بايران ، والتفاعل سياسياً و ميدانياً مع حركات وفصائل المقاومة في المنطقة ، والتي اصبحت( و اقصد حركات و فصائل المقاومة )  قُوّة عسكرية رادعة ، ويُحسبْ لها استراتيجياً.

وسيادة هذه الرؤية و تطبيقها حققّت لسوريّة انتصار سياسي عربي و اقليمي و دولي .

مثلما اشتركت روسيا و ايران وفصائل و حركات المقاومة في تحقيق انتصار سوريّة ، تُشاركُ جميع هذه الفواعل سوريّة نتائج الانتصار؛طه و مِنْ نتائج الانتصار هما الزخم المعنوي و الاستعداد التعبوي الذي تعيشه سوريّة و حلفائها ، و زيارة الرئيس بشار الاسد لدولة الامارات العربية المتحدة ،بدعوة رسميّة منها قبل ايام ، شاهدٌ على ذلك .

والزيارة تُعّبر ليس فقط عن رغبة و ارادة الامارات ، وانما عن رغبة و ارادة الدول الخليجية ( باستثناء قطر ) ، وامريكا و الغرب و كذلك اسرائيل .

لم تتمْ الدعوة و الزيارة دون تنسيق وتبادل آراء بين الامارات وحلفائها او اصدقائها المعنيين في الدور السوري ، وفي مقدمة هولاء اسرائيل و امريكا .

لم تكْ سورّية بحاجة الى اعادة تأهيل  ،من خلال هذه الزيارة ، بقدر ما كان للأخرين حاجة لمناقشة دور سوريّة في المنطقة ، و بهذا الخصوص ، ما يهّمْ امريكا و اسرائيل هو  علاقة سوريّة و ايران ، وعلاقة سوريّة وحزب الله ، و موقف سوريّة و رؤيتها المستقبليّة تجاه اسرائيل اليوم و في ظّلْ التطبيع الجديد ، لذلك جاءت اول دعوة للرئيس بشار الاسد من قبل دولة الامارات ،المُطبّع الجديد و العميق ، والذي تربطه علاقات استراتيجية مع أيران ( حليف سورّية ) و مع اسرائيل ( عدو سوريّة ) .

ايّ ،بمعنى آخر ، كانت و لاتزال ، دولة الامارات المؤهَلْ الوحيد و المناسب لدعوة الرئيس بشار الاسد ، إمّا تصريح   المتحدث الرسمي للخارجية الامريكية سام ساموئيل ، والذي يعرب فيه عن خيبة امل و انزعاج كبير لاضفاء الشرعيّة على ” نظام بشار الاسد ” ( حسب تصريح المتحدث الرسمي ) فهو خلاف ما تريده امريكا ، ويندرج في سياسة تضليل الراي العام و النفاق و ذّر الرماد في العيون .

امريكا و اسرائيل يدركان جيداً أنْ لا سلام مع اسرائيل و لا حّلْ لقضية اسرائيل ( وليس قضية فلسطين ) دون سوريّة ، وعزائهم أنَّ سوريّة بقيت في رعاية الاسد وحلفاء الاسد ، و للرئيس الاسد استحقاقات في ذمتهم ، اول هذه الاستحقاقات و أيسّرها تنفيذاً هو رحيل القوات الامريكية المتواجده في شمال سوريا،طه والتي تقوم برعاية ما تبقى من الدواعش و بتأمين  سرقة وبيع النفط السوري ، يليها في الاستحقاق  انسحاب إسرائيل من هضبة الجولان .

بالمقابل ، تنتظرُ اسرائيل من سوريّة الاستغناء عن ما بقي من مقاتلين من حزب الله و فصائل المقاومة الاخرى ، و من مستشاري الحرس الثوري الايراني ، و اعتراف سوري باسرائيل و بتوقيع اتفاق سلام .

لسوريّة مصلحة كبيرة في تعزيز قدراتها العسكرية و الدفاعية الميدانية بالتمسّك بتواجد  مقاتلين من فصائل المقاومة ،و من الحرس الثوري الايراني ،اكتسبوا خبرة قتال الشوارع و معرفة بجغرافية سوريّة ، وبتواجد قواعد قواعد عسكرية روسيّة، لأنَّ سوريّة تواجه ثلاث قوات مُحتّلة ؛ احتلال اسرائيلي و احتلال امريكي و احتلال تركي ، وتجمعهم اهداف مشتركة و تنسيق عسكري و سياسي .

انتصار سوريّة وحلفائها على الارهاب و على التآمر  الامريكي الاسرائيلي ،مكّن روسيا من التفرغ لمواجهة المخطط الامريكي و الناتوي على حدودها ، ومن بوابة اوكرانيا .لم يبدأ الرئيس بوتين حملته العسكرية في اوكرانيا الاّ بعد تأمينه الانتصار في سوريّة ، وتيقنّه من ضعف امريكا و عدم اكتراثها بملفات منطقة الشرق الاوسط بالقدر الذي كانت عليه قبل عقديّن من الزمن .       انتصار سوريّة وقوة حزب الله و دعم ايران العسكري و دعم روسيا السياسي عوامل أسّستْ رادعاً لاسرائيل و كذلك لامريكا من شّنْ حرب في المنطقة ، و الاستفراد بلبنان او بسوريا او بأيران

د. جواد الهنداوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى