ماذا قصدَ وليم بيرنس عندما قال … ”التفاوض مع الايرانيين والروس شيّبَ شعر رأسي” ..؟!

مرصد طه الأخباري، قالها وليم بيرنس، وهو مدير وكالة المخابرات المركزية الامريكية ، في تعليق له على اللقاء الذي جمعَ الرئيس بوتين بإلسيد الإمام الخامئني ،المرشد الاعلى ،بتاريخ ٢٠٢٢/٧/١٩ ،في طهران .

جاء تصريح بيرنس خلال منتدى آسبن الامني ، بتاريخ ٢٠٢٢/٧/١٩ ، و المنعقد عبر الانترنيت ، وقال فيه ” لا اشعرُ بالحنين عندما انظر الى صورة الرئيس بوتين والمرشد الاعلى الايراني ، بل اتذكّر ان معظم شعري شاب من المفاوضات مع الروس والايرانيين على مّر السنين ” .

مَنْ هو وليم بيرنس ؟ هو دبلوماسي التكوين و المهنة ،و قبل ان يكون مديراً للوكالة المذكورة ، شغِلَ بيرنس مناصب ومهام دبلوماسية :

سفير الولايات المتحدة الامريكية الأسبق في روسيا من عام ٢٠٠٥ الى عام ٢٠٠٨ . مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية بين عامي ٢٠٠٨ و ٢٠١١ ، و نائب وزير الخارجية بين عامي ٢٠١١ و٢٠١٤.

أُجّلَ تقاعده مرتيّن : مرّة بطلب من السيد جون كيري ، وزير خارجية امريكا في عهد الرئيس اوباما ، و الاخرى ،بطلب من الرئيس الامريكي السابق أوباما .

قال عنه جون كيري ( انه رجل دولة من طراز جورج كينان / السفير الامريكي الأسبق في الاتحاد السوفيتي والذي ساهم في بلورة استراتيجية الاحتواء ) ، و قال عنه الرئيس أوباما ( امريكا اصبحت اقوى بفضل خدماته ) .

ماهي اهم أنجازاته كي يستحق هذا التقييم ؟

دورهِ في دفع ليبيا لإزالة برنامجها العسكري السّري ، دورهِ في بناء قناة التفاوض السري بين امريكا و ايران ، والتي سهّلت التوصل الى الاتفاق النووي الدولي بين ايران و العالم ، نجاحه في تحسين العلاقات الروسية الامريكية أبان عهد الرئيس اوباما ، دورهِ في تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين امريكا و الهند ، آراءه و تحليلاته للأحداث السياسية ، و المنشور بعضها في مجلّة ” فورن أفيرز ” . عرّف وليم بيرنز الدبلوماسية ” الأداة الرئيسية التي تُستخدم في ادارة العلاقات الخارجية ، و الحد من التهديدات ، و اغتنام الفرص لتعظيم الامن و الاستقرار ، هي مسعى هادئ و دؤوب ،و مسارها القنوات الخلفية …” ويقول عنها هنري كسينجر ” بانها مراكمة صبورة لنجاحات جزئية ” .

لخّصَ ويليام بيرنس افكاره و آراءه في الدبلوماسية الامريكية ،و خاصة في عهد الرئيس ترامب ،في كتابه ، بعنوان ” القناة الخلفية ” والذي صَدَرَ في عام ٢٠١٩ ،عن دار النشر ” نيو روندم هاوس ” ، و لم يخفْ ،في كتابه ،انتقاداته الجرئية ،لسياسة ترامب و وزير خارجيته بومبيو

أرادَ بيرنس ، في عبارته ، وهو يتحدث في منتدى امني وسياسي ،أنْ يذكّر المشاركين ، ومن خلالهم ،يبعث رسالة لدولهم الحليفة والصديقة لامريكا ، بالجهود التي بُذلت ،من قبله وادارة الرئيس اوباما ،من اجل الوصول الى الاتفاق النووي عام ٢٠١٥ ، والذي نقضه الرئيس ترامب ،وبتشجيع من رئيس وزراء اسرائيل ،حينها ،نتنياهو . أرادَ ايضاً ان يبيّن للعالم الخطأ الجسيم الذي ارتكبه الرئيس ترامب و ادارته .

كلام بيرنس هو ايضاً رسالة للمجتمعين وللعالم بأنه لا حّلْ غير العودة الى الاتفاق النووي . وقد يكون اشارة الى حتمية وقرب التوصل الى اتفاق رغم الموقف الحاسم الذي تتبناه ايران ، كلامه دعوة علنيّة الى القبول بما تريده ايران قبل فوات الآوان .

كلام السيد بيرنس فيه رسالة ثانية ايضاً لامريكا وللغرب حول ضرورة التفكير بحل دبلوماسي للحرب في اوكرانيا ،حلاً يرضي روسيا ، و اذا صحَّ هذا الاستنتاج ،فهو يلتقي مع ماقاله هنري كيسنجر ، في ٢٠٢٢/٥/٢٤ ، حيث ،حذرّ من اطالة أمدْ الحرب في اوكرانيا ، وحذّر كذلك من هزيمة روسيا ، و دعا اوكرانيا الى التنازل عن بعض اراضيها لروسيا ، وطالب كيسنجر الغرب بمراعاة مصالح روسيا .

ليس بمحض الصدفة ان يكون تصريح ويليام بيرنس ،وهو الدبلوماسي المخضرم ،وصاحب المبادرات و المساعي الناجحة ، مثلما ذكرنا ذلك في متن المقال ، يتناول خصميّن للولايات المتحدة الامريكية ( ايران و روسيا ) ، بينهم وبين امريكا و الغرب مفاوضات و عقوبات و تهديدات استراتيجية ، تداعياتها ونتائجها تتعب وترهق امريكا والغرب سياسياً و اقتصادياً وتُشيب الرؤوس ،مثلما قال ويليام بيرنس .

يعي تماماً السيد بيرنس حجم المخاطر التي يشهدها وسيشهدها الغرب والعالم ، إنْ فشلوا ( الغرب والعالم ) في الاسراع في ايقاف الحرب في اوكرانيا و الوصول الى اتفاق مع ايران .

د.جواد الهنداوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى