قائد جهادي كبير يروي عن استعدادات المقاومة للحرب… هدفنا تدمير جيش العدو .. وسينتشـلون الجثث من تحت ركام المدن …

مرصد طه الإخباري، لدى المقاومة قدرات غير موجودة حتى في ايران لن يجرؤ الأميركيون على القتال ضدنا لأن ذكرى الثمانينيات حاضرة في أذهانهم .

هو ليس آخر الأحياء من جيل المقاومين المؤسسين. بل واحد من قلّة لم يدر في خلدها، قبل أربعين عاماً، أن تعيش أكثر من أربعين يوماً. واحد من ثلّة تعرف لبنان القديم الخاضع والناس المقهورين بسبب الاستعمار وتوابعه. لكنه صار لاعباً في بناء لبنان آخر لم يكتمل قيامه بعد: لبنان القوة والعدالة والقادر على الانتقال بالمنطقة الى واقع جديد.

هو واحد من جيل سمع الحكايات عن نضالات واجهت الاستعمار الفرنسي والتدخلات الخارجية. وعندما اجتاح العدو لبنان في حزيران عام 1982، لم يكن يشعر بالوحدة القاتلة، ولا بالغربة التي تكبّله وتجعله عاجزاً عن الفعل. فهو واحد ممن عاشوا لحظة خفقان راية الجهاد التي رفعها الإمام الخميني عندما أصدر فتواه بوجوب قتال إسرائيل ومواجهتها بكل ما يمكن.

في ذكرى أربعينية المقاومة، ليس هناك من هو قادر على جمع الصورة مثله. قائد جهادي. تعرّف على الحرب وفنون القتال، ولو أنه لم يشارك في الحرب الأهلية. وتأثّر، كأبناء جيله من سكان أحزمة البؤس، بخطب الإمام السيد موسى الصدر. وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وجد نفسه مقبلاً على أمر آخر. فزاد انخراطه في العمل الجهادي ضمن حدود ضيقة. جمعته مع رفاقه المؤسسين، من الشهداء والأحياء، علاقات صداقة وأخوّة والصلاة في المسجد الذي كان الرابط الأوّل والأهم بينهم، والتعرف على واقع المقاومة الفلسطينية والأحزاب التي تقاتل في لبنان. حتى صار مع رفاقه مجموعة تعرف الكثير عما يجري، وتربطها علاقات وصلات مكّنتها في لحظة الاجتياح من تحويل نداء الإمام الخميني للقتال، الى فعل له إطار تنظيمي وليد. لكنه فعل لم يكن القائمون به يفتشون له عن عنوان أو اسم أو راية. وعندما تعرّضوا للمرة الأولى لسؤال عن هويّتهم، سادهم الإرباك، قبل أن يجيب القائد الجهادي نفسه سائله: «نحن الخمينيون»!

على مر عقود أربعة، كان لهذا القائد دوره الميداني المباشر، منذ قتال اللحظة الأولى في خلدة. وهو واحد ممن رافقوا كل الذين تولّوا قيادة المقاومة. كان، ولا يزال، شريكاً أساسياً في قراءة الواقع وتحضير لوازم الحرب والاستعداد لفعل نوعي متى حانت لحظة الحرب الكبرى.

في لقاء مع «الأخبار»، يروي القائد الجهادي عن رحلة المقاومة، وعن العمل الذي لم يتوقف منذ 14 آب 2006، ليس فقط في سياق بناء قوة قادرة على صدّ أي عدوان جديد وتدميره بالكامل، بل إلى أبعد من ذلك بكثير لتصل إلى القدرة على الهجوم وما بعده. وهي ورشة لم تترك أمراً للصدفة. واستندت الى مبدأ أن كل ما تحتاج إليه المقاومة يجب العمل على توفيره، سواء عبر الأصدقاء والحلفاء، أو من خلال برنامج إنتاج ذاتي أو حتى من مصادر بعيدة.

خلال 16 عاماً، انتقلت المقاومة الى مستوى جديد ومختلف جذرياً عما كانت عليه عام 2006. مشاركة مجموعة كبيرة من كوادرها وعناصرها في مواجهة التكفيريين في سوريا والعراق، منحتهم خبرات كبيرة، وخصوصاً أن هذه المواجهة شهدت تنفيذ مناورات وتصورات عن مواجهات محتملة مع العدو، واختبار التنسيقات العسكرية بين الفرق والاختصاصات، وأمكن خلالها التعرف على تكنولوجيا وأسلحة جديدة، وتم تحصيل كميات كبيرة من الأسلحة النوعية التي وضعت في خدمة برامج المقاومة. أما العنصر المركزي الإضافي، فلم يتمثل فقط في رفع قدرات العاملين في التشكيلات العسكرية، بل في مستوى جديد من العمل الأمني والاستخباري من نوعيات تشبه ما تقوم به دول كبيرة. حتى وصلنا الى مرحلة تعرف فيها المقاومة عن العدو أكثر بكثير مما يعرف هو عنها، وهي علامة فارقة سيكون لها دورها في أي حرب مقبلة مع إسرائيل. «وربما يأتي اليوم الذي نخبرهم فيه ابتداءً عمّا يوجد في قاعة «شرفة غولدا» داخل ديمونا».

الاستعداد الدائم:

يقول القائد الجهادي إن المقاومة في سباق دائم مع العدو منذ توقف إطلاق النار في 14 آب 2006 وحتى يومنا هذا، «وخصوصاً أن المهمة الجديدة التي ألقيت على عاتقنا بعد الحرب تركزت على بناء القدرة النوعية القادرة على تدمير الجيش الإسرائيلي، وليس فقط منعه من تحقيق أهدافه». ويضيف: «منذ انتهاء حرب تموز حتى اليوم، نعرف، بدقة، أن كل التقييم الذي قام به العدو ينتهي الى خلاصة بأننا متقدّمون عليه في مجالات لم يكن يعتقد أننا وصلنا فيها الى مراحل متقدمة. ومنذ صدور تقرير «فينوغراد» حول الحرب، مروراً بكل المناورات الكبرى، حتى مناورة مركبات النار الأخيرة، كان العدو يصل الى خلاصة مفادها أننا متقدمون عليه، رغم سعيه الدائم لمعالجة الثغرات لديه».

ويوضح: «يتصرف العدو، على سبيل المثال، بين فترة وأخرى، على أساس أنه يعرف مستوى التسليح المتوافر لدينا. لكنه يكتشف لاحقاً أن المستوى الموجود لدينا أعلى وأكبر. نعرف أن هناك أموراً كان العدو يكتشفها بجهوده الاستخبارية. لكنّ هناك أموراً أخرى كنا نحن من يبادر الى الكشف عنها، ويحصل ذلك بأشكال مختلفة».

الأسلحة الدقيقة

عملت المقاومة، بعد عام 2000، على تطوير البنية الصاروخية بهدف الردع من جهة، وإيذاء العدو من جهة أخرى. كانت إسرائيل تعمل على عدّاد لإحصاء ما تفترض أنه موجود كمّاً في حوزة المقاومة، ثمّ تطوّر عملها لتحديد النوعية أيضاً. ويقول القائد الجهادي:

«أخيراً، اكتشف العدو أن الأسلحة الدقيقة التي في حوزة المقاومة لم تصل إلينا في الوقت الذي اكتشف فيه الأمر، بل تأكد بأنها كانت عندنا قبل ذلك». ويضيف: «يحق للعدو أن يعيش حالة من الرعب بناءً على ما يعلمه فقط، فكيف الحال بما لا يعلمه». ويشرح: «عندما كان العدو يهدد بأنه إذا أصبح لدى حزب الله 20 صاروخاً دقيقاً فسيتحرّك ولن يسكت. كان لدينا المئات، وقد علم بذلك لاحقاً وصمت وأخفى ذيله واختبأ. وعندما اكتشف أن لدينا مئات من الصواريخ الدقيقة وتأكّد من ذلك، كان من حقه أن يعتقد أن ما لدينا تجاوز الآلاف.

ابراهيم الأمين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى