ماهي حقيقة التظاهرات داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وهويتها؟

مرصد طه الإخباري، في بلد مثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية تتعدد فيها القوميات والديانات والمذاهب يندر ان تستقر أوضاعها ، لكنها استقرّت واستحكمت .

في بلد مثل إيران تقوم فيها ثورة فتية ،ومن ثم تتداعى عليها الأمم وتشعل فتيل حرب بالوكالة لإسقاطها يندر أن تبقى صامدة ،لكنها لم تسقط وبقيت راسخة ونهضت قوية

في بلد ينسج له الأعداء كل مكيدة، ويتربصون منه الفرص لنهب ثرواته، لكنه لم يعطهم إعطاء الذيول والذليل وبقي حرّاً مستقلاً .

لا أدعي أن إيران تمثل الدولة الفاضلة ،لكن اقول ان نموذج الدولة والنظام في ايران رغم بعض الإخفاقات والسلبيات والتحديات ؛قد حقق إنجازات كثيرة صناعية وزراعية وسياسية وإدارية ، ونموذجها قد حقق إنجازات علمية كثيرة .

في هذه الأيام وفي العشرة الأخيرة من شهر أيلول خرجت تظاهرات صغيرة معارضة للنظام في إيران ، على أثر وفاة السيدة مهسا أميني في أحد مراكز شرطة الأمن الإجتماعي ،لكن تلك التظاهرات لما كانت صغيرة توسلت بالبلطجة والتخريب لتصنع لها وجود من العنف ، وتخلق لها هالة إعلامية .

الأمر يبدو أنه قد دُبر بليل،فمقتل أمرأة تنتمي إلى حزب ( حزب كومله أو الحزب الشيوعي الكردي)،رافقه هجمة غير أخلاقية على الدين والمقدسات ،ورمي بعض المتهتكات لخمارهن أو حرقه ،ثم التهجم على النظام في إيران .

المجاميع المعترضة كانت صغيرة ،لكن طريقتهم في الشغب عنيفة بحيث أنهم كانوا يهاجمون مراكز الشرطة ،ويقذفون بقنابل المولوتوف في وجه رجال الشرطة والبسيج ( قوات التعبئة).

لقد قتلوا عشرات من رجال الشرطة والمدنيين العزل فضلاً عن الجرحى ويكفي أن أشير إلى أن الجرحى من البسيج وصل إلى( ١٨٥)فرداً حسب وكالة تسنيم الإيرانية.

إيران كان بإمكانها أن تحسم موضوع التظاهرات في اليوم الأول ،لكنها فرشت بساط سماحتها ورحمتها للمعترضين .

لم ينفع العطف والشفقة بالمتظاهرين واعطى نتائج عكسية ،غير أنّها أثبتت أن نظامها لو كان نظاماً قمعياً لبطش بالمتظاهرين وهو يملك كل أسباب البأس والقوة ،ورغم ذلك لم يمارس قدرته بإستخدام مالديه من قوة قاهرة.

لقد كانت الأعمال التي يقوم بها المخالفون للنظام الإسلامي هي عبارة عن معارك يخوضونها بالأسلحة ضد مؤسسات الدولة ورجالها، وليست تظاهرات ،وكانت الأجهزة الأمنية تمارس وظيفتها بالدفاع عن نفسها أمام أساليب العنف الشرسة .

لقد استهدفوا مراكز الشرطة ،وقوات التعبئة، والبنوك ،والأبنية الحكومية ،والمساجد وحافلات نقل الركاب، والسيارات المدنية المركونة على قارعة الطريق ،وهاجموا سيارات الإسعاف ،وحرقوا حاويات القمامة ،وقطعوا الطرق، وكان أكثر الضحايا والقتلى من الشرطة .

لقد كانوا يرغبون في إثبات وجودهم عبر العربدة والضجيج الإعلامي .

لاشك أن هناك إدارة خلفية لتلك الجماعات، فالإعلام المعادي يعمل في الليل والنهار وينفخ في نار العداوة للنظام،وقد كشفت التحريات عن مئات المواقع الإلكترونية والإعلامية التي تدار من خارج حدود إيران، وتحرض على الكراهية وإثارة الناس ضد النظام الإسلامي، هذا فضلاً عن وجود غرباء يحركون الأوضاع من داخل إيران، وقد تم إلقاء القبض على (٩) أفراد من ألمانيا وبولندا وبريطانيا وفرنسا وهولندا والسويد كانوا يعملون مع المشاغبين ضد النظام في إيران.

لقد إجتمع الغرب كله ضد النظام الإيراني كله وقاموا بتحريك ذيولهم من اتباع نظام الشاه بهلوي ، ومن منافقي خلق ( مجاهدي خلق )، والبهائية وغيرهم ؛ فقد تم إلقاء القبض على (٩٢)عنصراً من اتباع النظام البهلوي، و(٤٩)عنصراً من اتباع منظمة مجاهدي خلق ، وأيضاً تم إلقاء القبض على ( ٧٧) عنصراً من الاكراد الذين تدربوا على يد الموساد الإسرائيلي من (حزب كومله أو الحزب الشيوعي ،والحزب الديمقراطي ،وحزب البجاك أو حزب الحياة الحرة الكردي) ، وكذلك تم إلقاء القبض على عناصر جاسوسية من البهائية ،مضافا إلى أعضاء من الجماعات التكفيرية مثل جماعة جيش العدل التي تنشط في سيستان وبلوجستان .

لقد جند الغرب بزعامة أمريكا حتى أصحاب السوابق والجرائم ودفعوا بهم في ساحات الفوضى والشغب ،حيث تم إلقاء القبض على (٢٨) فرداً من الأوباش وأصحاب الجرائم داخل تلك الجماعات التي استهدفت مؤسسات الدولة ، وقاموا بمهاجمة مراكز الشرطة بالأسلحة البيضاء.

ليس هذا فحسب؛ بل كشفت التحقيقات والتحريات عن وجود بعض الأفراد من العوائل المترفة- والتي لم يصبها سغب أو نصب من الحصار ،ولها عالمها الخاص من مزايا الدنيا- تحولت بيوتها إلى مشجب لقنابل المولوتوف المصنوعة يدوياً ويتم توزيعها على المعارضين، ولفت نظر الجهات الأمنية بيتها أو قصرها المشيد والذي تقدر قيمته بألف مليار تومان وسفر أفرادها المكرر للخارج مضافا إلى سلوكهم المريب.

إيران حصلت على معلومات مهمة وحددت مراكز التأثير في داخل إيران وخارجها ، ولذا فقد استهدفت مقرات الأحزاب الإنفصالية والجاسوسية داخل حدودها أو خارجها.

لقد قدم النظام الإسلامي إنجازات كبيرة وحصلت في ايران نهضة زراعية وعلمية ، ولهذا لم يستطع مخالفوها أن يقدموا لغة عصرية في الحوار أو الإعتراض ،وقدموا هيجانات نفسية وثورات انفعالية وأعمال تخريبية وتصفيات جسدية،كما أنهم لم يتحدثوا عن نوع النسخة الإدارية والسياسية والتي تحفظ للنظام استقلاله وتأثيره وتحافظ على وحدة إيران الوطنية ،ويبدو لي إن نوع النظام الذي يريدونه هو نظام على غرار الديمقراطية الفارغة التي زرعتها أمريكا في بلداننا وسرقتنا في وضح النهار ، وربما على شاكلة الديكتاتوريات التي ترعى مصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة.

ان حقيقية القوة في الجمهورية الإسلامية كامنة في إيمان الشعب الإيراني وولائه لنظامه الاسلامي واستعداده للتضحية من أجله .

وقد شاهدنا ذلك الإيمان من خلال الحشود المليونية التي تخرج طوعاً في المناسبات الدينية والوطنية .

ان النظام الذي يستطيع تحشيد الناس طوعاً بلا دعاية إعلامية لحقيق ان يتبع ،وإن الأحزاب التي تناصبه العداء لحقيق ان تجتنب .

د.محمد العبادي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى