صلاة الرئيس الإيراني “اية الله رئيسي” في المسجد الاموي بدمشق.. ما هي الدلالات السياسية والدينية والقومية
مرصد طه الإخباري، صلاة الرئيس الإيراني “اية الله رئيسي” في المسجد الاموي بدمشق.. ما هي الدلالات السياسية والدينية والقومية بعد اكثر من عقد على اندلاع الحرب وفي مرحلة التغيرات في سورية والاقليم
كان لافتا قيام الرئيس الإيراني سماحة اية الله السيد ابراهيم رئيسي بزيارة المسجد الاموي الكبير في دمشق، والصلاة في محرابه العريق. وحرص الرئيس الإيراني سماحة اية الله السيد إبراهيم رئيسي على انجاز هذه الخطوة خلال الزيارة رغم جدول اعماله المزدحم خلال اليومين مدة الزيارة الى سورية.
لما لها من دلالات ورسائل عميقة ومتعددة الأوجه. أولها ان المسجد الاموي الكبير في دمشق، كان احد الرموز التي استخدمت في بداية الحرب على سورية لاسقاط النظام، ولا يمكن نسيان ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان توعد الصلاة في المسجد الاموي بعد اسقاط النظام في سورية، وحينها كانت التقديرات تجمع ان اسقاط النظام مسألة أسابيع واشهر لا اكثر، وليس الرئيس اردوغان وحده من توعد بذلك، فقد تسابق قادة المجموعات المسلحة الى اعلان شبيه
فقد توعد الجولاني زعيم جبهة النصرة الإرهابية بدخول المسجد الاموي في دمشق، وكذلك شرعي جبهة النصرة السعودي “عبد الله المحيسني” واخرين. ولذلك كان مشهد وقوف الرئيس الإيراني الحليف الوثيق لسورية وللرئيس الأسد لأداء الصلاة في المسجد الاموي بمثابة اعلان انتصار الخيار السوري الإيراني في هذه الحرب، واغلاق لملف محاولات اسقاط العاصمة دمشق نهائيا.
اما الرمزية الثانية لزيارة الرئيس الإيراني للمسجد الاموي فتتعلق بمرحلة التحريض الطائفي والمذهبي، ومحاولة شيطنة الشيعة وايران، والتركيز على ان ايران تستهدف السنة في سورية والمنطقة، ولهذا قد يكون الرئيس الإيراني حاول ارسال رسالة معاكسة في الصلاة في مسجد بني امية الكبير، وإظهار احترام ايران للمذهب السني، ودحض الدعايات النمطية التي تظهر المذهب الشيعي كمذهب معاد لأهل السنه
ولاشك ان زيارة سماحة اية الله السيد إبراهيم رئيسي للمسجد الاموي بعد زيارته لمقام السيدة زينب سلام الله علیها جنوب العاصمة السورية، شكل دلالة على منهج التقريب بين المذاهب الإسلامية والوحدة بين جناحي العالم الإسلامي “السنة والشيعة”، وقد لاقت هذه اللفتة الإيرانية ارتياحا وترحيبا شعبيا سوريا، وربما دلالاتها تتجاوز الحدود السورية نحو العالم الإسلامي ككل.
اما الرمزية الثلاثة فهي رمزية قومية، لان المسجد الاموي في دمشق هو صرح للحضارة العربية، ودمشق ومسجدها الكبير كانا مركزا لاشعاع الإمبراطورية العربية، والحضارة العربية العريقة. ولهذا فان دالات زيارة الرئيس الإيراني لهذا المعلم الحضاري العربي، تعني رسالة تلاقي الحضارات العربية والإيرانية، وتعني رسالة لكل العرب وليس فقط سورية العربية، بان الحضارات تتكامل وتتحاور، لا تتصارع وتتقاتل. وان ايران تحترم الحضارة العربية ورموزها، وتسعى الى مد اليد للعرب للتعاون والتلاقي.
هذه الرسالة المتعددة الابعاد في عمقها ورمزيتها، تأتي في وقت تشهد فيه سورية دخول مرحلة جديدة، عنوانها النهوض مرة أخرى بعد حقبة الازمات والمعاناة، وفي وقت يشهد فيه الإقليم إعادة حسابات وتموضعات، عنونها إزالة اثار حقبة التوترات والصراعات وما رافقه من استخدام أدوات التحريض الطائفي والتناقض القومي والتنازع السياسي والعسكري.
ولاشك ان فهم ملامح المرحلة الجديدة يتطلب من الجميع الانتباه الى الرسائل والاشارات ذات الدلالة، والتي تصب في اتجاه بيئة سياسية جديدة تعيد تشكيل العلاقات الإقليمية على أسس وقواعد جديدة.