القطبية العالمية الجديدة …. ومستقبل الدولار في ضوء … علم الاستشراف المهدوي .. 

مرصد طه الإخباري، في حديثٍ مهمٍّ للباحث الإسلامي العلّامة‏ سماحة الشيخ جلال الدين الصغير (دامت توفيقاته) عام ٢٠٢٠ م وهو يستشرف المستقبل قال ما نصُّه:

(واهمٌ جدّاً من يتصوّر أنّ عالم السياسة والاقتصاد والأمن والبنية المعنوية والعقائدية التي كانت مهيمنة في العالم قبل وباء كورونا سيبقى كما هو بعدها،فالتغيير أوشك أن يطيح بكل شيء وموازين القوى تتحطم والاقتصاديات الكبرى تتضعضع، ومن لا يرى الحرب الشاملة قادمة عليه إعادة فحص بصيرته، ومن نام لم يُنَم عنه كما قال أمير الهدى وسبيل النجاة الإمام علي – صلوات الله عليه – ومَن لم يستعد لاستحقاقات ذلك ويتحزّم لذلك لن يرأف به أي أحد، وسيطلب العالم الخلاص في الأرض ولن يجد إلّا الذئب الكاسر والضبع الضاري،عندها أيقنوا أن ساعة إشراقة النور الإلهي وبقيته في أرضه قد أطلّت عليكم وأزف أوانها)

كان الدولار الأميركي هو العملة الاحتياطية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، حيث لعب دورًا كبيرًا في التجارة العالمية،لكن الدول على مستوى العالم تعمل الآن على اختيار عملات احتياطية بديلة للتجارة؛حيث أدت العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية إلى قيام بعض قادة العالم البارزين ورجال الأعمال بإصدار تحذير بشأن القوة التي تتمتع بها واشنطن.

حذر المستثمر الملياردير راي داليو في 12 أبريل/نيسان من أنّ العقوبات التي ضغطت على احتياطيات روسيا من العملة بالدولار “زادت من المخاطر المتصورة بأن أصول الديون هذه يمكن تجميدها بالطريقة التي تم تجميدها لروسيا”.

حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حذر من “تجاوز الدولار الأميركي للحدود الإقليمية”، مشيرًا في مقابلة في أبريل مع بوليتيكو إلى أن أوروبا يجب أن تخفض اعتمادها على الدولار، وقال ماكرون لبوليتيكو إنّ أوروبا لن يكون لديها الوقت ولا الموارد لتمويل استقلالها الاستراتيجي وسنصبح تابعين إذا اشتدت التوترات بين الولايات المتحدة والصين.

وسط هذه الأخبار، ينتهز اليوان الصيني الفرصة ويصعد متحديًا لهيمنة الدولار.

تجاوز استخدام اليوان استخدام الدولار في المعاملات الصينية عبر الحدود لأول مرة في مارس/آذار، وفقًا لتقرير بحثي صدر في 26 أبريل.

وأقرت وزيرة الخزانة جانيت يلين بهذا الأمر ، قائلة: “هناك خطر عندما نستخدم العقوبات المالية المرتبطة بدور الدولار والتي يمكن أن تقوض مع مرور الوقت هيمنة الدولار.”

إذا ما تجاوزنا النظر للمشهد المحلّي نحو المشهد العالمي نلحظ مايلي:

1️⃣- نحن أمام تحوّلات عالمية كبيرة عنوانها (التخلّص من هيمنة الدولار) وهذا يعني فقدان أمريكا لهيبتها.

2️⃣- العالم يشهد حاليّاً نظاماً جديداً وتكتّلاً دولياً ماليّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً لإنهاء النفوذ الأمريكي وهيمنة الدولار؛حيث يشهد انتقالاً من الهيمنة الأمريكية إلى النظام العالمي الجديد الذي تقوده الصين وروسيا وإيران.

3️⃣- ‏أميركا تعيش حالة تراجع استراتيجي وأفول تأريخي راكمته التطوّرات السياسية والاقتصادية والهزائم العسكرية والسياسية المباشرة وغير المباشرة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي منذ ثلاثة عقود،ونذكِّر بأنّ السبب الذي أدى الى انهيار الاتحاد السوفيتي هو الإرهاق والعجز المالي والمشاكل الاقتصادية بسبب سباق التسلح.

4️⃣- في تصريح مهم لوزير الخزانة الأمريكي الأسبق قال: احتمالية ركود ‎الاقتصاد خلال العام المقبل تبلغ 70%.

5️⃣- بنظرة عميقة للأوضاع نجد أن الاقتصاد الأمريكي يعاني من مشاكل حقيقية،والسبب الرئيس هو التضخم الرهيب لحجم الدَّين الأمريكي الذي ارتفع من 10 تريليونات إلى 31.8 ترليون دولار.

6️⃣- عام بعد عام تتعقد الأمور أكثر، ولا تمر سنة إلا ويضطر الكونغرس الأمريكي إلى رفع سقف الدَّين كحلٍّ أخير لتجنُّب الانهيار الوشيك، لكن كما هو معلوم هذه الخطوات مجرد مسكِّنات لانهيارٍ لا مفرَّ منه، والمؤكَّد أنّه كلما ارتفع هرم الدَّين وتأخّر الانهيار، ستكون حدة هذا الأخير أشدّ وأعنف.

7️⃣- وبالمجمل نجد أنّ معظم دول العالم لم يعد الدولار بالنسبة لها العملة الوحيدة في تعاملاتها، ومثلما ستذهب هيبة الدولار ستختفي مسرحيات تأثير الفيدرالي على العالم !؟

8️⃣- العالَم يتغير وكما أنّنا أمام نظام عالمي متعدد الأقطاب سيصبح هنالك نظام اقتصادي عالمي متعدد الأقطاب ولا يوجد شيء اسمه(هيمنة للدولار) بعد الآن، ويجب أن لا ننسى اللقطة الشهيرة حينما ودّع بوتن الرئيس الصيني في اجتماع تأريخي لهما قال رئيس الصين لبوتن: (هناك أشياء تحدث.. لم تحدث خلال 100 عام، سُعداء أنّها تحدث على أيدينا)، تُرى ما هي الأشياء التي لم تتغير منذ 100 عام ويعمل الرئيس الصيني والروسي على تغييرها؟؟ والجواب: هيمنة الدولار.. النظام الاقتصادي العالمي.. النظام العالمي الأحادي القطب..

9️⃣- ومن الواضح أنّ الإدارة الأمريكية الحالية لا زالت تتعامل مع العالم باستراتيجيات الحرب الباردة، وتتعامل مع خصومها وحلفائها بغطرسة وعنجهية واضحة، ترتكز على التهديد والإبتزاز ولا تخفي حقيقة أنّ ما يهمها هو مصالحها فقط، وهي إما لا تعلم أنّ العالم قد تغيّر، أو أنّها تعيش حالة إنكار تقودها للتوحّش.

مـــواقـــف و تصريحات

1️⃣- الإمـــام الخامنئـــي(دام ظله):

– بتأريخ ١٨/ ٢/ ٢٠١٨ قال سماحة القائد : (كما أنّ هيبة وعظمة سفينة تايتانيك لم تمنعها من غرقها،فإنّ هيبة وعظمة أمريكا الظاهرية لن تمنع غرقها وسوف تغرق).

– بتأريخ ٤/ ١١ / ٢٠٢٢ أشار سماحة القائد الخامنئي أنّ (النظام العالمي الحالي في حالة تغيُّر، وسوف يسود نظام جديد،هناك ثلاثة خطوط عريضة في هذا النظام الجديد: انزواء أمريكا، وانتقال القوة السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية من الغرب إلى آسيا، وانتشار فكر المقاومة وتوسّع جبهتها مقابل الغطرسة).

– بتأريخ ٢٢/ ٤ / ٢٠٢٣ قال سماحة المرجع الإمام القائد الخامنئي: (نشهد اليوم بحمد الله أفولاً تدريجياً للكيان الصهيوني الغاصب،وسرعة وتيرة أفوله تتزايد يوماً بعد يوم، وهذه فرصة كبيرة جداً،منذ عشرات السنين حذر بن غورين – أحد مؤسسي الكيان الصهيوني – من أنّه حينما تنتهي قوة الردع لديهم، سيضمحل هذا الكيان إن قوة الردع الآن قد انتهت أو شارفت على النهاية).

– بتأريخ ٤/ ٤/ ٢٠٢٣ وفي حديثه عن دلالات ضعف امريكا،أشار سماحة القائد الخامنئي إلى أنّ الدولار الأمريكي يتجه نحو الضعف في العالم،وأنّ هناك دول كثيرة تحوّل تعاملاتها من الدولار إلى العملات الوطنية أو غيرها.

2️⃣- في الثامن من أيّار ٢٠٢٣ استضافت طهران المؤتمر الدولي لهندسة النظام العالمي الجديد بمشاركة 36 دولة.

3️⃣- ‏مقدم البرامج الكاتب ورجل الأعمال الأمريكي غلين بيك: (ما تسمعونه في وسائل الإعلام بشأن ركود اقتصادي قادم هو تضليل وأكاذيب، نحن مقبلون على انهيار كامل للدولار وهذه سابقة لم تحصل من قبل ستجعلنا مثل فنزويلا، وهذا سيحصل قريبا بين ليلة وضحاها، سينهار كل شيء وتغلق البنوك فجأة)

4️⃣- أستاذ الاقتصاد في جامعة ماساتشوسيس الخبير الأمريكي ريتشارد وولف: ( جميع الإمبراطوريات السابقة انهارت فلماذا تتصورون أن الامبراطورية الأمريكية لن تنهار؟ وكل من هذه الامبراطوريات عندما أحست بالخطر قامت بتصدير مشاكل الداخل إلى الخارج على شكل حروب)

5️⃣- ثعلب السياسة الأمريكية “كيسنجر” : إنّني أرى أنّ هناك تغييرًا جوهريًّا في الوضع الاستراتيجي في الشرق الأوسط.

المفكرون الغرب يناقشون ويُحاضِرون حول أفول ونهاية الحضارة الغربية الرأسمالية الآيلة للسقوط التي لن تنفع معها كل محاولات الإنعاش،ومن هنا هي دعوة لكلّ قارئ و متابع :

لتكن نظرتكم استراتيجية، لا يهمّ سواء أكنتَ متديناً تعتقد بالنبوءات،أو إسلاميّاً تدرس العلامات، أو سياسيّاً تفكّر بالمعطيات، أو اقتصاديّاً تدرس التداعيات، دَعْ عنك حديث هرج الروم إن كنتَ لا تؤمن به،دَعْ عنك حديث دولتنا آخر الدول القادمة إن كنت لا تعتقد بها، ندعوك لأن تكون لديك نظرة استراتيجية،فالعالم من حولك يتغيّر وبوتيرة متسارعة،لا تغرق في تفاصيل الأحداث اليومية فتغيب عنك الرؤية الشاملة،ولا تطارد قنوات الأخبار من محطّة الى أُخرى فتغفل عن المشهد العالمي برمّته،بالطبع لن يحدث انقلاباً عالمياً بين ليلة وضحاها،فالانقلابات العالمية بحاجة الى عقودٍ من الزمن،لكن كن واثقاً بأنّنا في عين العاصفة،غالبية المحلّلين وأصحاب العقول الاستراتيجية يعتقدون أنّ العالم يعيش إرهاصات كبرى،إنّه مخاض تحوُّل تأريخي لا وجود للشيطان الأكبر فيه وإنّ الرائد لا يكذب أهله والسعيد من أعدّ واستعدّ.

لقد قام النظام الاشتراكي الماركسي الشيوعي وترأسه الاتحاد السوفييتي والصين وجُلّ أوروبا الشرقية وبعض دول الشرق وبعض الدول العربية ثم اندثر وتمزّق؛لأنّه يحمل بذور فنائه معه،وها هو النظام الرأسمالي المتوحِّش على سرير الموت يمر بأزمات خطيرة وكل المحاولات لإنعاشه لم تنجح،وأنّ السبيل الوحيد والحل المثالي – بحسب المنطق الأمريكي – لعرقلة اكتمال تشكّل النظام العالمي الجديد بعدة أقطاب هو إشعال حرب ضد روسيا والصين وهو ما يعني تحقق علامة (هرج الروم أو ما يسمّى ب الحرب العالمية)

ختامًا نقول: إنّ من يتعلق قلبه بمشروع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) في إقامة الحضارة المهدوية والدولة الإلهية الصالحة العادلة يجب أن يكون له دور وإسهام في هذا المشروع،من هنا على الأُمّة المنتظرة المساهمة في خلق التحوّلات العالمية الكبرى؛لأنّنا أمة ملزَمة بالإسهام في صنع الحضارة الإسلامية الخاتمة وإعلان دولة العدل العالمي على القائد العادل القادم من بعيد على صهوة الأمل (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)،فالاستعداد لتحمُّل المسؤولية وتوطين النفس على تحمُّل التبعات الجِسام لذلك الهدف العظيم لايستقيمُ أبداً مع الإنكفاء والإنزواء وثقافة النأي بالنفس عن ميدان الصراع بين محور الخير والشر.

عمار الولائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى