المناورة» والحرب «المؤجلة» المقاومة تُعِدّ مفاجآت مدوية وتاريخية وكبيرة جداً… ننتظر إشارة سماحة السيد

مرصد طه الإخباري، المناورة» والحرب «المؤجلة» المقاومة تُعِدّ مفاجآت مدوية وتاريخية وكبيرة جداً… ننتظر إشارة سماحة السيد

لم تنتهِ مفاعيل المناورة التي نفذتها المقاومة في الجنوب الأحد الماضي رغم مرور أسبوع، بل أصداؤها لا تزال تُسمع بين مكاتب قيادة الاحتلال السياسية والأمنية والعسكرية وتصدح في أرجاء جبهته الداخلية. فالمقاومة حققت أهدافاً من المناورة… نفسية ومعنوية وسياسية، من دون أيّ عمل عسكري أو أمني ميداني حقيقي، فزرعت القلق والشكّ والخوف لدى القيادة الإسرائيلية، وأفرغت تهديداتهم من مضمونها، ونشرت الرعب في صفوف المستوطنين، وظهّرت قدرة الردع، والأهمّ كشفت عيّنة من «السيناريو» المقبل الذي يعِد به السيد حسن نصرالله بالدخول الى الجليل.

فللمرة الأولى منذ انطلاقتها، تُقدِم المقاومة على هذه الخطوة العسكرية ـ الإعلامية التي كان وقعها على العدو قاسياً، على الرغم من المخاطر والمحاذير الأمنية والاعتبارات السياسية، لكن ما خَفي سيكون أعظم وأشدّ إيلاماً

القدرات العسكرية والتكتيكات الأمنية والعسكرية والنفسية والإعلامية الفائقة الدقة والذكاء التي استخدمتها المقاومة خلال المناورة، كشفت تطوّراً هائلاً في القدرات والإمكانات البشرية والتسليحية والعسكرية واستخدام الفنون والمهارات القتالية الاحترافية، وظهر ذلك بشكلٍ لافت باحتلال مستوطنة وأسر جنود وآلية إسرائيلية، لكن اللافت أكثر كان السرعة القياسية التي يتحرك فيها المقاومون ودقة الأهداف وتنفيذ المهام بالقنص والمتفجرات والصواريخ وكأنها حرب حقيقية على بعد أمتار من المنصة الرسمية من دون أيّ غلطة أو هفوة أو زلة ولا حتى إصابة، حتى يُخيّل للحظات بأنّ مقاتلي المقاومة خاووا الأرض التي تدرّبوا وتمرّسوا وعاشوا في ربوعها وأحضانها عشرات السنين.

بعيداً عن القدرات القتالية والإمكانات العسكرية و»الأسلحة الذكية»، فالمبهر في المناورة هو الحالة النفسية والمعنوية العالية جداً والنادرة التي بدت في أداء المقاومين المقنّعين الذين انتشروا بين الأشجار والتلال وفي الآليات لاستقبال الزوار من الصحافيين والإعلاميين الذين بلغ عددهم نحو 500 حضروا صباحاً الى نقطة الانطلاق في بيروت من مختلف وسائل الاعلام والانتماءات، لكن وحّدتهم الحماسة التي غطت وجوههم لرؤية ومعرفة ما جهلوه طيلة عقود، لا سيما خلال حرب تموز 2006، وكانت العلاقات الإعلامية في حزب الله تواكب بمسؤولية كبيرة وتشرف بدقة متناهية على تنظيم كلّ مراحل المناورة لتبدأ تباعاً الفرق المتنوعة من تشكيلات المقاومة العسكرية بالظهور الواحدة تلو الأخرى.

وعند كلّ مهمة ينفذها المقاومون بنجاح، يعلو التصفيق وترتفع القبضات الممتلئة بالتحايا للمقاومين الذين استبسلوا في أداء مهماتهم بإبهار وتميّز، فكانت العيون تراقب كلّ حركة وتترقب خطى المقاومين بتنفيذ العروض العسكرية والمناورات القتالية على الرمال وبين الثغور والتلال وبالآليات والدراجات النارية والمُسيّرات تحت مرمى أعين قيادة المقاومة التي كانت تراقب بفخر في الصفوف الأمامية كلّ الساحة.

فاضت ساحة المناورة بكمّ كبير من المشاعر التي اختلطت بين الذهول بإمكانات المقاومة والاستخفاف بتهديدات العدو وبين الفخر والثقة بأننا نعيش في زمن هذه المقاومة التي سيّجت الوطن بمعادلات كبيرة من الحماية والردع وباتت قوة إقليمية ساهمت الى حدّ كبير بالاستقرار الذي يشهده الإقليم والمنطقة من العراق وسورية واليمن ولبنان… وكانت رأس حربة في إسقاط المشاريع الدولية الكبرى.

لم تكن المناورة التي نفذتها المقاومة في الجنوب الأحد الماضي، مجرد استعراضٍ عسكري للقوة أو إعلامي موجه الى الداخل اللبناني أو مرتبط بالاستحقاق الرئاسي، فالجميع يدرك أنّ المقاومة تملك قدرات كبيرة، لكن حزب الله أراد توجيه رسائل عدة الى قيادة كيان الاحتلال:

استعداد وجهوزية المقاومة للتصدّي لأيّ عدوان يهدّد به قادة الاحتلال وأنّ الظروف الاقتصادية والمالية في لبنان والتفاهمات والتسويات بين السعوديين والإيرانيين والسوريين لن يفرض على المقاومة السكوت عن أيّ عدوان محتمل.

رسالة استباقية نفسية للجبهة الداخلية وسياسية لحكومة الاحتلال بأنّ التفكير بخيار شنّ عدوان صادم على لبنان بعد الحرب الأخيرة على غزة لفرض تعديل في موازين الردع واستعادة الهيبة الإسرائيلية، لن يمرّ بل ستردّ المقاومة بعنف وقد تتطوّر الى حرب كبرى. وتشير مصادر «البناء» في هذا السياق الى أنّ معلومات وصلت الى قيادة المقاومة تؤكد نية الاحتلال القيام بخطوة عسكرية أو أمنية ما تجاه لبنان قبل شنّ العدوان الأخير على غزة.

الانتقال من معادلة الردع والدفاع الى مرحلة الهجوم والدخول عبر الحدود مع فلسطين المحتلة وتحرير مستوطنات عندما تحين اللحظة الإقليمية وتتوحّد الساحات ميدانياً للدفاع عن المقدسات في فلسطين.

تسليط الضوء على التغيّر الذي حصل على موازين القوى ولو بالمناورة، بين المقاومة والاحتلال، فلا يمكن حجب الأنظار عن حقيقة عجز الاحتلال عن فعل أيّ شيء لمنع حصول المناورة، علماً أنّ العلاقات الإعلامية سبق وأعلنت عن حصولها قبل أسبوع وكانت في مكان معروف ومكشوف أمام المُسيرّات أو الأقمار الصناعية والتقنيات الفضائية.

اللافت هو العدد الكبير من قيادات المقاومة العسكريين والأمنيين الذي شاركوا في المناورة وتراصفوا مع عناصر المقاومة كالبنيان المرصوص، وأيضاً التدرّج التنظيمي للمناورة على الصعيدين الإعلامي والعسكري وكذلك الأمني.

مصادر ميدانية في المقاومة تؤكد لـ «البناء» أنّ معنويات المقاومين عالية جداً و»ما شاهدتموه في المناورة ما هو إلا عينة بسيطة جداً رغم أهمّيتها من بأس وقدرات واستعدادات المقاومة للحرب المقبلة»، وتكشف أننا «نعدّ مفاجآت مدوية وتاريخية وكبيرة جداً وبانتظار إشارة السيد نصرالله وقيادة المقاومة للدخول بدقائق الى الجليل وكل فلسطين».

واللافت أيضاً هو الحضور الكثيف لمراسلي الصحافة الأجنبية والعربية من مختلف القنوات والوكالات والمواقع الإلكترونية، الذين حاولوا اقتناص كلّ دقيقة لجمع أكبر عدد ممكن من المشاهد المصوّرة والمقابلات مع مقرّبين من المقاومة، والذهول يخطف وجوههم.

لم يكن محضُ صدفة، توقيت تنفيذ المناورة قبل أيام قليلة من اطلالة السيد نصرالله الذي لم يظهر بهذه الراحة والمعنويات والثقة كما ظهر في خطابه الأخير في عيد المقاومة والتحرير، وقد بنى ردّه على التهديدات الإسرائيلية على نجاح مناورة الأحد، وكرّس معادلة قوة جديدة وهي أنّ «العدوان على لبنان لن يبقى في إطار الردّ التقليدي، بل قد يعني الدخول الى الجليل»، وهذه المعادلة ستؤجّل الحرب الى حين الحرب الكبرى.

محمد حمية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى