لماذا كان كيسنجر من اكبر الداعمين للحرب الإيرانية العراقية.. وكيف الغى بوش زيارة الشاذلي بمطار الجزائر؟

مرصد طه الإخباري، كشف وزير الخارجية الفرنسي الأسبق دومينيك دوفيلبان ان المحادثات التي دارت بينه وبين رئيس الدبلوماسية الأمريكي ايام قليلة  قبل احتلال العراق .  كانت ساخنة جدا وأنه دخل في مشادات كلامية قوية مع كولن باول الذي لم يهادنه وهو يتحدث إليه وجها لوجه .

دي فيلبان قال مجددا وهو يتحدث في أحد البرامج التلفزيونية المتخصصة في تناول القضايا السياسية ان المسؤولين الامريكيين حولوا مجلس الأمن بمنظمة الامم المتحدة الى مؤسسة خاصة تابعة الى الولايات المتحدة . و لأجل ذلك قاموا بإخضاع كل الدول الى سلطتها دون تردد.

مستشهدا وهو يتحدث عن هذه المسالة الشائكة و التي لازالت تطرح منذ مدة طويلة لاسيما بعد تفجر الازمة العراقية في بداية التسعينات بكل تفرعاتها الاقليمية و الدولية و التي ادت الى اندلاع حرب شاملة محدودة الجغرافيا متمددة طولا و عرضا بالنسبة لانعكاساتها الاقتصادية والدبلوماسية .

بل جل النزاعات التي توالت بعد ازمة الخليج هذه التي تعود بالتحديد الى المأزق العراقي الكويتي في البداية وما تبعها بعد ذلك من توترات مكلفة ادت في النهاية الى المصير الذي تعيش الامة العربية كل تداعياته السلبية التي كانت السبب المباشر في ان تنهار بلدان عربية و تسقط حكومات و تستباح اراضي العديد من الاوطان العربية منذ ذلك الحين الى يومنا هذا بكل اسف.

اذن المشكل بدأ عربيا و الخصومة كانت عربية محضة هذا في الظاهر لان  الخطة كانت امريكية خالصة بحيث لا يمكن ان نأتي الى المعضلة الكويتية العراقية دون ان نظن ان ولو للحظة واحدة ان  امريكا بعيدة عن ما حدث بين الاشقاء الكويتيين و العراقيين .فالذي يصنع الحروب في نهاية القرن العشرين كان المستفيد الاول من الحرب العالمية الثانية او بالأحرى الذي خرج فائزا بدرجة امتياز بعد انهيار اقوياء العالم التقليديين .

والسيد عبقري السياسة الخارجية الامريكية هنري كيسنجر قال في السابق لما اشتدت الحرب بين العراق وإيران في بداية الثمانينات  ان الهدف الذي نحاول الوصول اليه من جراء هذا النزاع يكمن في القضاء على من نعتبرهما قوتان معاديتان لأمريكا لا نحب لا العراق ولا ايران كلاهما عدو لمصالحنا الاستراتيجية في المنطقة وفي العالم بأسره بناء على النظرية التي تقول إن جغرافيا العالم الاقتصادي كتلة واحدة في مفهوم السياسة الامريكية الخارجية . وهذا معروف منذ نشأة دولة الولايات المتحدة الامريكية في العصر الحديث .

أذكر للتاريخ حادثة يمر عليها اخواننا العرب مرور المتناسين للكرم الجزائري و انا بصفتي جزائري تذكرتها ليس من باب العاطفة بل لأنني في احيان كثيرة اشعر بنوع من التقصير غير المبرر من طرف الأشقاء . انه عندما وصلت الازمة الكويتية العراقية الى نقطة النهاية المأساوية بحيث قبلها بقليل طلب الرئيس الجزائري آنذاك المرحوم الشاذلي بن جديد مقابلة الرئيس الامريكي جورج بوش الاكبر و عندما همت الطائرة الرئاسية للرئيس الجزائري بمغادرة العاصمة الجزائرية باتجاه واشنطن تم إلغاء الزيارة في آخر لحظة وكان طاقم الطائرة أنهى كل الإجراءات الرحلة فوق ارضية مطار الهواري بومدين .

يومها تردد عن أسباب  إلغاء زيارة الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد  ان الرئيس الامريكي ابدى عدم رغبته في استقبال نظيره الجزائري لان الامر بالنسبة للقيادة الامريكية في واشنطن  كان قد انتهى و لا مفر من إعلان الحرب .طبعا هم ادى بما  يخدم مصالحهم و ليس ما يفيد العرب و الفرصة بالنسبة لهم فريسة لا تقدر بثمن و اعتقد ان الحصيلة الثقيلة لحرب الخليج الفارسي هذه هي مصنفة ترتيبيا ثانية او ثالثة لكنني تعمدت خلط الارقام كون خسائرنا نحن العرب لم تعد تهم اي كان بل ارباحهم هم التي هي خسائرنا التي تبنى على قاعدتها جميع الحسابات .

ما اردت الوصول اليه من إدراج حادثة زيارة الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي عشية الحرب بين الحلفاء بعد تجمعهم الجديد بعد آخر موعد خلال الحرب العالمية الثانية و القوات العراقية في ربيع 1991  الملغاة الى البيت الأبيض لمقابلة الرئيس الأمريكي بوش الأب كون ابنه جاء الى سدة الحكم في الولايات الامريكية و اكمل مشروع والده الذي توقف عند احتلال الأمم  المتحدة كليا بحيث كل القرارات التي اصبحت تصدر منذ هذا النزاع بين الكويت و العراق تحولت الى خلية خاصة امريكية صرفة تتصرف هي في مصائر البلدان في العالم قاطبة خاصة بعد استسلام الاتحاد السوفياتي للأمر الواقع .

اما الاصوات التي مثلها اديب الدبلوماسية الفرنسية   دومينيك دي فيلبان الذي خرج مرة اخرى هذه الايام متحدثا عن عجرفة القادة الأمريكيين مستحضرا ما جرى خلال لقائه بكاتب الدولة للخارجية الامريكية  رفيق الرئيس بوش العسكري الاسبق كولن باول الذي واجهه انتم الأمريكيون جعلتم مجلس الأمن تابع لكم يستنسخ ما تقررونه للعالم أجمع

دون الرجوع للقانون الدولي و بذلك تخرقون المواثيق التي تأسست  بموجبها هيئة الأمم المتحدة منذ نشأتها . دومينيك دي فيلبان قال في حديثه التلفزيوني الأخير ان باول استشاط غضبا وبدأ يضرب بيده بقوة هائلة  عند سماعه هذا الكلام وكأنه ملاكم في حلبة ملاكمة و المعروف عن الامريكان هوسهم بهذه الرياضة العنيفة التي انتقدها بشدة  معمر القذافي مستنكرا وصفها بالفن النبيل .

من اغرب مواقف الإذلال الأمريكي لبقية دول العالم اختصره اديب الدبلوماسية الفرنسية عندما وصف حادثة التقائه عندما كان يهم بالدخول الى مكتب كاتب الدولة للخارجية الامريكية كولن باول وزير خارجية بلغاريا عند الباب الذي قام بتحية على استحياء مشيرا اليه بحركة صامتة أنا مغلوب على امري .عند بداية الحرب على العراق في فبراير 1991 قلت بأسف شديد ان الأمم المتحدة تحولت الى مجرد مطبعة تستنسخ قرارات يتم صياغتها في البيت الأبيض

رشيد بورقبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى