هل “تعمّدت” إيران نصب “تمثال الشهيد سليماني” في وجه ضيفها “الاتحاد السعودي” ولماذا أصرّ الأخير على عدم اللعب؟..

هل “تعمّدت” إيران نصب “تمثال الشهيد سليماني” في وجه ضيفها “الاتحاد السعودي” ولماذا أصرّ الأخير على عدم اللعب؟..

هل ينتهي المشهد بالقطيعة السياسيّة ومن أخطأ ويستحق العُقوبة؟ هل التصريحات الإمام الخامنئي عن التطبيع أي علاقة؟

قبل شهرٍ واحد فقط، كانت الجماهير الإيرانيّة مُحتشدةً، لاستقبال نادي “النصر” السعودي، ونجمه الأبرز البرتغالي كريستيانو رونالدو، والذي لعب ضد نادي فريق بيرسيبوليس الإيراني، حيث رونالدو وناديه جرى استقبالهم استقبال الأبطال، الأمر الذي دفع السعوديون في حينها إلى التباهي بما وصفوه بالقوّة الناعمة السعوديّة، التي نجحت في تحسين العلاقات السياسيّة من بوّابة الرياضة، بل وصل الأمر بالإيرانيين إلى عرض سجّادة منسوجة باهظة الثمن في معرض للسجاد، لولي عهد السعوديّة  ملحد بن سلمان.

لم يكن المشهد مُماثلاً لما حدث في المباراة الأولى على الأراضي الإيرانيّة، والقرار الذي سبقها بعدم وجود أرض مُحايدة لتلعب الفرق السعوديّة، والإيرانيّة على أراضي بلديها، حيث مباراة كرويّة كان يُفترض أن تجمع بين فريقي “الاتحاد” السعودي، وسيباهان الإيراني، ضمن بطولة دوري أبطال آسيا الاثنين.

الجنرال الإيراني الراحل الشهيد الحاج قاسم سليماني يبدو أنه كان السبب في إلغاء المباراة بين الفريقين، أو تمثاله بالأحرى، أو ما وصفها الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بظروف غير مُتوقّعة، الأمر الذي يُثير علامات استفهام، إذا كانت تلك الواقعة الرياضيّة، ستترك أثرها السلبي على التقارب السعودي- الإيراني، والعودة لمُربّع القطيعة، وسحب السفراء على خلفيّة الخلاف الأوّل وهو إعدام الرياض الشهيد سماحة الشيخ نمر النمر، ومُهاجمة مُتظاهرين سفارة السعوديّة في طهران احتجاجاً على إعدامها لسماحة الشهيد الشيخ النمر.

رفض النادي الإيراني لإزالة تمثال الشهيد القائد الحاج سليماني، رغم رفض نادي الاتحاد اللعب بوجوده، لا يُمكن أن يكون قد اتّخذ بدون الرجوع للقيادة السياسيّة الإيرانيّة، وقرار الفريق السعودي اتّخذ بكل الأحوال، بالرجوع والتشاور مع السلطات السعوديّة، ليبقى السؤال إلى أى مدى يُمكن أن تتعقّد الأمور بين السعوديّة، وإيران.

ونقلت وكالة إيسنا الإيرانية عن إدارة نادي سيباهان، أن المباراة “ألغيت بعد قرار من الحكم”، مضيفة: “سنجهز شكوى بشأن الحادثة ونقدمها للاتحاد الآسيوي لكرة القدم”.

وأضاف مُتضامناً: “يؤكد الاتحاد السعودي على دعمه الكامل لنادي اتحاد جدة، واتخاذ كافة الطرق القانونية لحفظ حقوقه”.

وبحسب تصريحات محمد رضا الرئيس التنفيذي لنادي سيباهان أصفهان الإيراني، يبدو أن قرار نادي الاتحاد السعودي قد اتّخذ لاحقاً، حيث قال رضا خلال تصريحاته لوكالة “إيسنا”: “كل الظروف تم تجهيزها قبل أسابيع لخوض مباراة عادية، وكل العوامل هيأت لإقامة المباراة، قمنا باستقبال جيد جداً للفريق السعودي وقدمنا تقديراً خاصاً له، وأول أمس في تمام الساعة 11 صباحاً تم عقد الاجتماع التحضيري للمباراة بحضور ممثلي الاتحاد الآسيوي وممثل الأمن الآسيوي، إلى جانب مدير النادي السعودي، وتمت الموافقة على كل شيء من أجل مباراة جيدة”.

وأضاف: “ملعب نقش جهان تم تأسيسه قبل عامين ونصف بموافقة الاتحادين الدولي والآسيوي ولجنة التراخيص الاحترافية واتحاد كرة القدم، وبالشكل والصور والتصاميم نفسها التي نراها اليوم، استضفنا عشرات ومئات المباريات، ويوم مواجهة الاتحاد سار بشكل جيد وتم تنظيم كل شيء من قبل منظمي اللقاء ومسؤولي الشرطة والأمن، لكن قرب موعد المباراة، قدم لنا المراقب بعض الطلبات الخاصة بنادي الاتحاد، وهي أمور خارجة عن الرياضة وأعرافها وضد مبادئها، فبالأمس كانوا يستخدمون الملعب، وفجأة قرروا عدم خوض المباراة”.

وردّدت جماهير إيرانيّة حاضرة للملعب، هتافات طالبت بأبعاد السياسة عن كرة القدم، ولكن تجدر الإشارة بأن عشرات الآلاف التي حضرت للملعب، كانت ترغب بمُشاهدة لاعب نادي الاتحاد العالمي كريم بن زيما، ما يطرح تساؤلات كان قد طرحها إعلاميون سعوديون تعليقاً على الحشود الإيرانيّة في استقبال نادي النصر، هل أتت تلك الجماهير الإيرانيّة محبّةً بالفريق السعودي، أم النجم العالمي رونالدو، والسّؤال ذاته مطروحٌ اليوم هل هتفت الجماهير حبّاً في مشاهدة بن زيما، أم رغبة في فصل السياسة عن كرة القدم فعلاً؟

في سياق القوانين الرياضيّة، لا يبدو أن الاتحاد السعودي قد خالف القوانين بانسحابه، فبحسب قوانين “فيفا” فإنه لا ينبغي أبدًا استخدام كرة القدم للرسائل السياسية وأن التركيز يجب أن يكون على اللعبة نفسها ولا شيء آخر، أي أنه من المُنتظر تطبيق عقوبة بحق الفريق الإيراني، ولكن الرئيس التنفيذي لسيباهان قال: “”سنتقدّم بشكوى ضد النادي السعودي مدعومة بالمستندات، فملعبنا يتم استخدامه بهذا الشكل والصور والمعايير منذ سنوات، ولم يتم تقديم أي تحفّظ عليه”.

وفي سبتمبر 2016 ، تم تغريم نادي سلتيك الاسكتلندي 10000 يورو بعد أن عرض قسم من المشجعين أعلام فلسطين خلال مباراة دوري أبطال أوروبا ضد فريق هبوعيل الإسرائيلي.

وقد لا تترك هذه الحادثة بعينها أثرها السلبي على العلاقات السعوديّة- الإيرانيّة، ولكن مع تزايد التقارير عن قرب التطبيع السعودي مع “العدو الإسرائيليّ ”، وعدم نفي ملحد بن سلمان تقارير توقّف مُحادثات التطبيع بلاده معها في مُقابلته الأخيرة، تزداد التكهّنات، بأن مواقف إيرانيّة مُناكفة للعربيّة السعوديّة قد تزداد، حيث بالتزامن مع واقعة إلغاء المباراة الاثنين، هاجم المرشد الإيراني الإمام السيد علي الخامنئي، يوم الثلاثاء، سياسة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، قائلاً إنّ هذا الكيان: “ليس اليوم في وضعٍ يُشجّع على التقارب معه، ويجب أن يعلموا ذلك”، في إشارة غير مباشرة إلى “السعودية”؛ التي تتوارد الأنباء عن محاولات أميركية مكثفة لتطبيع علاقاتها مع “العدو الإسرائيليّ ”.

وأضاف سماحة الإمام الخامنئي، الرأي القطعي لـ”الجمهورية الإسلامية” هو أن الحكومات التي تتّخذ من رهان التطبيع مع “الكيان الصهيوني” قدوة لنفسها ستخسر، والخسارة تنتظرها، وإنهم يخطئون.

السّؤال الأبرز الآن، حول الفائز بالمباراة الجدليّة الملغيّة، فالسعوديون يُطالبون بالنقاط الثلاث أي اعتبار نادي الاتحاد فائزًا، فيما يذهب آخرون لترجيح لعب المباراة في وقت لاحق على ملعبٍ مُحايد، ما يضع علامات استفهام حول تجدّد اعتماد الأندية السعوديّة عدم اللعب على الأراضي الإيرانيّة، بعد واقعة تمثال الشهيد القائد سليماني، والعكس صحيح بالنسبة للأندية الإيرانيّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى