هل للسعودية شهداء على طريق القدس؟

مرصد طه الإخباري، هل للسعودية شهداء على طريق القدس؟
من الطبيعي أن يكون جواب القارئ الكريم بعد قراءته للعنوان بالنفي القاطع، وهذا جواب كلّ متابع للسياسة والإعلام في السنوات المتعاقبة.
ذلك؛ لأن السعودية بسياستها المتبعة منذ سنوات وإلى يومنا هذا لم تتقدّم خطوة في الضغط على الكيان من أجل القضية الفلسطينية
بينما شنت كلّ الحروب (إرسال انتحاريين إلى العراق – إرسال الإرهابيين إلى سورية – العدوان على اليمن – المشاركة بحرب السودان – طرف في الحرب الليبية..إلخ)
إلا الحرب التي يجب خوضها وهي تحرير القدس والمسجد الأقصى؛ مع أنها مملكة تدّعي رعايتها للمسلمين وهي عضو أساسي في منظمة التعاون الإسلامي؛ بل على العكس وضعت ثمنًا للتطبيع لا يعطي القضية الفلسطينية سوى الفتات. ومن هنا نعود لطرح السؤال مجددًا، هل للسعودية شهداء على طريق القدس؟
للإجابة عن هذا السؤال؛ يجب أن نعود إلى تاريخ بنى سعود مع الاحتلال الإسرائيلي، هل كانوا على عداء ووقعت بينهم حروب؟ أم كانوا على وفاقٍ تام وكانوا سببًا بضياع فلسطين؟ سنعرج على بعض المحطات التاريخية المفصلية بإيجاز شديد، ويمكن تلخيصها على الشكل الآتي:
في العام 1947 طلب وفد فلسطيني من الملك عدو العزيز قطع البترول عن الغـرب والصهاينة للضغط على أميركا، فأجاب الملك: “انني أحافظ على فلسـطين فـي عيني. ولن تضيع إلا إذا ضاعت عيني هذه”. وعندما قيل له لقد ضاعت فلسطين التي تعهدتها بعينك، قال: “لن أكـون أول من أضاع فلسطين ولا آخرهم”.
أعلنت وثائق وزارة الخارجية الأميركية، أن الزعيم الصهيوني حاييم وايزمن قدم رشوة قدرها 20 مليون جنيه استرليني (قرابة 25 مليون و250 ألف $) للملك عدو العزيز بن سعود ليعاونه على إنشاء دولة صهيونية في فلسطين.
قمعت السلطات السعودية، في العام 1967 و1973، مظاهرة سلمية تهتف لفلسطين وتحرير الأراضي العربية، فأطلقت النار على المتظاهرين، وقتلت بعضهم واعتقلت الآخر.
نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن الملك خالد بن عبد العزيز وولي عهده آنذاك فهد بن عبد العزيز، بتاريخ 15/6/ 1975، بأن: “السعودية على أتم استعداد للاعتراف بـإسرائيل، ولكن على إسرائيل أن تحلّ مشكلاتها مع جيرانها وتتدبر أمرها مع الفلسطينيين”.
وبناءً على ما ذكرناه في الأعلى، يستحيل أن يقدم النظام الرسمي السعودي أي شهيد على طريق القدس.
أما على الصعيد الشعبي السّعودي؛ فتاريخيًا وحتّى يومنا هذا، الشعب السعودي مع القضية الفلسطينيّة وداعمٌ لها، وعلى ذلك شواهد عديدة، أبرزها:
أورد الكاتب ناصر السعيد، في كتابه “تاريخ بنى سعود”، إحصاءً بعدد المشاركين في فلسطين المحتلة في معارك العام 1948، والذي بلغ عددهم 513 متطوعًا سعوديًا. ذكر منهم الكتاب 374 بالإسم، كانوا يلتحقون بالجبهات بعد تكبد العناء وتخفيًا عن أعين القوات العسكرية السعودية.
بلغ عدد الشهداء السعوديين الذين شاركوا في معارك القدس – أنذاك- 134 شهيدًا، وبلغ عدد الجرحى 32 جريحًا.
أما العائدون فيرجعون إلى أرض الوطن بطرق خفيّة كي لا تعاقبهم السّلطات، على غرار الشهيد عبد الرحمن محمد الشمراني الذي قاتل في فلسطين في العام 1948، وبعد عودته قتله بنى سعود في العام 1954.
شارك الشعب السعودي بعدد من المظاهرات تاريخيًا وحديثًا، دعمًا لفلسطين وغالبيتها كانت تُقمع، فيقتل منهم من يقتل ويقع منهم العدد الآخر بالأسر، وهذا الحال متواصل إلى يومنا هذا.
إحصاء جديد؛ نشره معهد واشنطن للدراسات، يوم الثلاثاء (22 – 12 – 2023)، يخلص إلى أنّه وافق 96% من السعوديين على أنه: “يجب على الدول العربية أن تقطع فورًا جميع الاتّصالات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية وأي اتّصالات أخرى مع العدو الإسرائيليّ ، احتجاجًا على عملها العسكري في غزّة”.
بالمحصلة، نعم هناك شهداء من الشعب السعودي على طريق القدس، وإذا سُمح اليوم للشعب السعودي بأن يعبّر عن موقفه سنرى الكثير من السعوديين يجوبون الشوارع مندّدين بالعدوان الإسرائيلي ومناصرين للقضية الفلسطينية، وإذا سمح لهم بالجهاد، سنرى مجددًا شهداء جددًا على طريق القدس.
محمد باقر ياسين