الانتقام الاميركي من الاقتدار الاقليمي الايراني
ابورضا صالح
تشير التجارب خلال العامين الماضيين خاصة خلال الاشهر الاخيرة الى ان الضغوط التي تمارسها اميركا ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية لها صلة مباشرة مع نجاحات وانجازات طهران الاقليمية.
فقد انسحب الرئيس الاميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في الظروف التي كان يؤمن بان ايران ليست بصدد امتلاك سلاح نووي، كما كان يعلم بان دول العالم لن تواكبه في انسحابه من هذا الاتفاق الا انه رغم هذا، انسحب منه وان ذريعته الوحيدة كانت ترتكز على مسرحية رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الهزيلة في اظهار بعض “الوثائق” المزعومة والمفبركة لانه لايمتلك اي ذرائع اخرى يتشدق بها امام تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي اكدت مرارا وتكرارا التزام ايران الكامل ببنود الاتفاق النووي.
فقد انسحب ترامب من الاتفاق النووي لانه كان يعتبره اتفاقا منقوصا، منقوصا في احتواء الاقتدار الاقليمي للجمهورية الاسلامية الايرانية التي تشكل حدودها منذ سنين طويلة، ليست الحدود الجغرافية، بل القيم والقضايا العقائدية التي تعرف في الظروف الجديدة بـ”محور المقاومة”.
اعاد ترامب الحظر ضد ايران من خلال انسحابه من الاتفاق النووي ومن المقرر ان يكمله خلال الشهرين القادمين وبعد ان اعاد الحظر فقد هدد الدول الاخرى بعدم التعاون مع ايران الا انه استمع ردا رافضا. وفي اطار الحرب الناعمة تحدث ترامب عن مفاوضات مع ايران بشروط مسبقة ومن ثم تراجع وتحدث عن مفاوضات دون قيد او شرط ومن خلال هذا السلوك حاول ان يفصل بين الشعب الايراني وحكومته.. الهدف الرئيس من كل هذه السياسات هو التاثير على السلوك والموقف الاقليمي الايراني الذي لم يتغير فحسب بل زاد من صلابته يوما بعد يوم.
في سوريا وبعد تحرير الغوطة الشرقية بدمشق وتطهير جنوب البلاد من الارهابيين وانتشار قوات المقاومة في الحدود المشتركة مع فلسطين المحتلة ، فقد تنتظر مدينة ادلب تحريرها من المجموعات الارهابية كما ان القمة الايرانية -الروسية -التركية الاخيرة في طهران قد توصلت الى نتائج جيدة وان الاكراد المتحالفين مع اميركا في الامس ينتظرون دعوة الحكومة السورية للمشاركة في تطهير ادلب من الارهابيين.
في العراق ورغم المحاولات الاميركية ومبعوثي ترامب الحثيثة لتأطير مستقبل العراق السياسي فقد اعلن التياران المناهضان لاميركا اي ” سائرون” و ” الفتح ” عن تقاربهما وقررا ان يحددا مصير العراق المستقل عن اميركا في جلسة البرلمان الجديد يوم السبت القادم .. وهذان الحدثان اي نجاح محور المقاومة في الربط بين الخليج الفارسي والبحر الابيض المتوسط ( الذي تعد اولى رسائله عدم فاعلية الحظر الاميركي وفشله ضد هذا المحور) وتحويل المقاومة اللبنانية من تيار سياسي الى حكومة تحققا في ظل الانتخابات البرلمانية الاخيرة وفي الوقت نفسه فشل المتحالفين السعوديين والاماراتيين مع ترامب في الهيمنة على اليمن رغم فرض حرب جائرة عليه والتي لاتزال متواصلة منذ اربع سنوات ، كل ذلك في الحقيقة يدل على ان اميركا شاءت ام ابت عليها ان تعترف بوجود هوية جديدة وفاعلة تتمثل بمحور المقاومة الى جانب البحر الابيض المتوسط وكذلك البحر الاحمر وهذا خير دليل على عدم فاعلية الحظر.
وفي ظل هذه الاحداث فان ترامب وجهازه الدبلوماسي يتمنون شطب او على اقل تقدير، اضعاف محور المقاومة ولن يألوا جهدا في هذا المجال.
ان اثارة المزاعم بشان استخدام الحكومة السورية المحتمل للاسلحة الكيمياوية في تحرير ادلب بين الراي العام ومحاولة زعزعة الاستقرار في العراق على اعتاب تشكيل حكومة جديدة وبذل مساع لادانة حزب الله في محكمة رفيق الحريري واخيرا تقديم مساعدات خاصة للسعودية والامارات لاحتلال ميناء الحديدة اليمني خلال الايام الاخيرة .. فان كل ذلك يتم بهدف ممارسة اقصى الضغوط على محور المقاومة الا انه يدل ايضا على تخبط البيت الابيض بسبب عدم تحقيقه نتائج مرجوة من الحظر ضد ايران وكذلك ضد محور المقاومة.