أميركا تتخـــذ القـــاعدة مطية لتحقيق مآربهــــــا

رون بول‏

ترجمة- ليندا سكوتي

في بحر الأسبوع المنقضي، قمتُ بمناشدة كل من وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون بضرورة التوقف عن رعاية وحماية القاعدة في سورية والكف عن مطالبة الحكومة السورية بالتخلي عن إدلب

بهدف إبقائها تحت سيطرة تنظيم القاعدة. وعلى الرغم مما يبدو من صعوبة تصديق ما ذهبت إليه واشنطن من نفي لما نسب إليها من مؤازرة لهذا التنظيم الإرهابي في سورية، فإننا لا نستبعد البتة إتباعها سياسة خارجية تقوم على التدخل في شؤون الدول عبر اتخاذ «الأشرار» مطية لتحقيق مآرب سياسية خارجية عدائية وخطيرة.‏

والسؤال الذي يتبادر إلى أذهاننا في ضوء ما نشهده من أحداث: هل تدعم إدارة ترامب فعلا تنظيمي القاعدة وداعش؟ بالطبع سيكون الجواب بنفي الدعم عن هذين التنظيمين لكن بعض «الخبراء» القائمين على السياسة الخارجية الأميركية يبدون إصرارا على أن التحالف القائم مع هاتين المجموعتين أمر فرضه الواقع بهدف تسهيل إنجاز أهداف طويلة الأمد في الشرق الأوسط. وهنا نطرح تساؤلا آخر حول ماهية تلك الأهداف والمآرب؟ ونجد الإجابة بأنها تتمثل برغبة الولايات المتحدة في التدخل بشؤون الدول ولاسيما إيران.‏

ولكي تتضح معالم الصورة لا بد لنا من إلقاء نظرة على المناطق التي تشيح الولايات المتحدة بوجهها عنها في الحين الذي تتكدس فيها خلايا القاعدة وداعش: أولا إدلب، ففي العام الفائت قال بريت ماكغورك المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى التحالف الدولي ضد داعش: «تعتبر محافظة إدلب المكان الأكبر الآمن للقاعدة». وفي هذا الصدد نتساءل عن الأسباب الداعية لقيام الكثير من المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم دونالد ترامب نفسه بإطلاق التحذيرات للحكومة السورية من مغبة استعادة أراضيها من سيطرة تنظيم القاعدة؟ أليس ما تقوم به يصب في مصلحة تطهير المنطقة من هذا التنظيم؟ لكن في واقع الأمر فإن قيام الجيش السوري بتحرير إدلب يعني خيبة أمل وإجهاض طموحات المحافظين الجدد (فضلا عن السعودية وإسرائيل) بتغيير الحكومة السورية مما يحول دون التوجه لاتخاذ إجراءات مماثلة ضد إيران.‏

ثانيا، اتخذت إحدى الفصائل المتبقية المنتسبة لداعش مقرا لها بالقرب من قاعدة التنف العسكرية الأميركية غير الشرعية في شمال شرق سورية منذ نحو عامين. وقد ذكرت تقارير صحفية نشرت في الأسبوع الماضي تحذيرات أطلقها الجانب الروسي في المنطقة بشأن القيام بشن هجوم على مقاتلي داعش المتخذين مواقع لهم على مقربة من القاعدة الأميركية. وردا على تلك الإنذارات، عمدت الولايات المتحدة إلى إرسال ما يفوق عن 100 عنصر من مشاة البحرية الأميركية وإجراء تدريبات على إطلاق النار كتحذير من مغبة الاقتراب من هذا المكان. وقبل بضعة أيام ناقض ترامب نفسه (مرة أخرى) وأعلن بأن إدارته تتمسك بالبقاء في التنف «إلى أمد غير محدود» والسؤال الذي يجب طرحه في هذا المضمار لماذا يرغب الرئيس الأميركي بالاستمرار في هذه القاعدة العسكرية؟ حيث نجد الإجابة بأنه يعتبر أنها نقطة استراتيجية للانطلاق منها بهدف مهاجمة إيران، فالولايات المتحدة تتمسك بالبقاء فيها حتى لو على حساب تجاهل وجود داعش في المنطقة.‏

السبب الثالث والأخير يتمثل باليمن، إذ كشفت وكالة اسوشيتد برس وغيرها من وسائل الإعلام بأن التحالف الأميركي-السعودي الذي يحارب اليمنيين قد وجد ضالته بتنظيم القاعدة. لكن لماذا تقدم الولايات المتحدة المساندة لهذا التنظيم في اليمن؟ فنجد الجواب بأن هدفها ينصب بشكل رئيس على تغيير النظام في إيران، حيث يعتبر اليمن إحدى جبهات المعركة ضد طهران في الشرق الأوسط. لذلك فإننا في واشنطن نتعاون مع القاعدة التي شنت هجوما علينا نظرا لرغبتنا بـ «تغيير النظام» الإيراني الذي لم يهاجمنا.. وهنا نتساءل كيف يمكن تفسير ذلك؟؟‏

خبراء في البيت الأبيض يرغبون في إقناعنا باتباعهم سياسة خارجية صائبة ستحقق انجازا عظيما للولايات المتحدة في نهاية المطاف. ولكن كما هو معتاد، فقد عهدنا عن هؤلاء الخبراء الاستمرار بارتكاب الأخطاء الفادحة لذلك فإنهم عندما يقولون بأن واشنطن قد حققت نصرا كبيرا فذلك يعطي الدليل على أن ثمة تحالفا مع القاعدة وتنظيم داعش قد تم، ويمثل هذا الواقع مؤشرا على التمسك بارتكاب الأخطاء. لذلك على الإدارة الأميركية البدء باتباع نهج جديد حيال السياسة الخارجية وأن تدع دول العالم وشأنهم.‏

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى