جرعات دعم الإرهاب تتزايد.. والمشغلون يغرقون في حسابات الخسارة
نصر منذر
يرمي الغرب الاستعماري كل سهامه المسمومة اليوم لمحاولة إنقاذ ما تبقى من إرهابييه في ادلب، ويستثمر شماعة الورقة الإنسانية إلى أقصى الحدود، لتكون حاضرة بقوة على طاولات البازار السياسي، ويدفع الأميركي بسلوكه الداعم لإرهابيي «النصرة» العالم نحو حافة الهاوية، على حد التعبير الروسي، حيث التحشيد العسكري،
والإعلامي غير المسبوق لتحضير الرأي العام العالمي لعدوان جديد على سورية، يشير إلى مدى تشبث جوقة العدوان بالتنظيمات الوهابية التكفيرية، على اعتبارها باتت تشكل الحجر الأساس في السياسة الاستعمارية والتوسعية لأميركا وحلفائها.
أميركا الخائفة من تلاشي نفوذها، وذهاب أطماعها أدراج الرياح بحال تحرير إدلب من الإرهاب، تحاول تعزيز قدرات من تبقى من إرهابيين لمحاولة إعادة خلط الأوراق، فأنهت قبل يومين في قاعدة التنف التي تحتلها، تدريبات عسكرية مشتركة بين «مشاتها البحرية» وفصيل إرهابي مختلط يجمع بين مرتزقة «الجيش الحر» و«النصرة» و«داعش» ليكونوا عونا لها في تثبيت أقدامها على أجزاء من الأراضي السورية، في رسالة واضحة بأنها عازمة على إطالة أمد الأزمة، ولن تتخلى أبدا عن سلاحها الإرهابي، طالما أنها لم تحقق شيئا بعد من أجنداتها المرسومة، سوى المزيد من القتل والدمار، وهذا يؤكد حقيقة فشلها على الأرض، ويشير في الوقت نفسه أنها تريد رفع منسوب التصعيد على مسار المساومة والابتزاز، لكسب بعض النقاط السياسية، من باب حفظ ماء الوجه.
حالة الفشل الأميركية توضحها أكثر مسألة الطرح الأميركي المتكرر للشروط الإسرائيلية، بأن انسحاب قواتها مرهون بوقف الدعم الإيراني لسورية، وتخلي سورية عن أصدقائها وحلفائها في محور المقاومة، وربما تكون هذه الذريعة هي الأخيرة التي تتمسك بها واشنطن لإبقاء قواتها الغازية، على اعتبار أن الحجة الأولى المتمثلة بالقضاء على داعش قاربت صلاحيتها على الانتهاء في ربع الساعة الأخير من الهزيمة النهائية للتنظيم الإرهابي، ولإدراكها، أي واشنطن بأن تحرير آخر معاقل الإرهاب في إدلب باتت مسألة وقت قصير جدا، سواء نفذ ثالوث الإرهاب الأميركي والبريطاني والفرنسي تهديده بشن عدوان على سورية، أم لم ينفذه، فالجيش العربي السوري لم يسبق له أن قرر تحرير أي منطقة من الإرهاب، إلا وحررها، بغض النظر عن أي تهديد أو وعيد.
نظام أردوغان غارق في حساباته أيضا، وكل ما قدمه من دعم للإرهاب لن يحصد منه سوى ارتداد هذا الإرهاب إلى عقر داره في نهاية المطاف، والإرهابيون عندها لن يكونوا سوى أدوات قتل وتخريب في تركيا، حتى لو كان أردوغان ضامنهم الأساس، ولهذا نجده قد ثبت تموضعه في خندق إرهابيي «النصرة» في إدلب، وانقلب على كل تفاهمات آستنة، ويقامر في الوقت الضائع لتمديد فترة صلاحية الإرهابيين في إدلب، لأن المرحلة التي ستليها هي طرده ومرتزقته من عفرين ومنبج، كما هي حال الأميركي من شرق الفرات.
ولا يقل حال الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومبعوثها ستافان دي ميستورا، قلقا على مصير الإرهابيين، وتباكيهم «الإنساني» يأتي نتيجة طبيعية لخسارة «الأوروبي» الدور الذي يطمح إليه في إعادة الإعمار، الموعود به أميركيا، ودي ميستورا يخشى أيضا مسألة افتضاح حقيقة الدور التخريبي الموكل إليه أميركياً أيضا، وهذا يفسره عودة الجانبين معا للعزف على وتر «الانتقال السياسي»، استكمالا للتهديدات الأميركية والغربية، كشرط لإنهاء الأزمة ؟!.