مُحلّل إسرائيليّ: شكرًا لكِ أيتّها الأم روسيا لأنّك وضعتِ حدًا للولد إسرائيل باللغة الوحيدة وهي القوّة
الذي لم يَضَعْ له أيّ أحدٍ حتى الآن حدودًا واستخدمتِ معها اللغة الوحيدة التي تفهمها وهي القوّة
زهير أندراوس
تعرّض الكاتب الإسرائيليّ التقدّمي، غدعون ليفي، لهجومٍ سافرٍ وسافلٍ من قبل القرّاء في صحيفة (هآرتس) العبريّة، بعد نشره مقالاً يمتدح فيه الخطوة الروسيّة التي أكّدت على أنّ هناك مَنْ يضع حدودًا لإسرائيل. وقال ليفي، إنّه للمرّة الأولى منذ سنواتٍ تُحدِد لها دولة أخرى بأنّ هناك حدودًا لقوّتها، وأنّه ليس كلّ شيءٍ مسموحًا لها، وأنّها ليست وحدها في اللعبة، وأنّ أمريكا لا تستطيع التغطية عليها بكلّ شيءٍ، وأنّ هناك حدودًا لما يمكنها القيام به.وتابع ليفي أنّ إسرائيل كانت بحاجةٍ إلى وضع هذه الحدود مثل حاجتها إلى هواء التنفس، لافتًا إلى أنّ غطرسة السنوات الأخيرة والواقع على الأرض يُمكن أنْ تُطلِق يدها وتُمارِس كلّ ما يخطر ببالها، مُضيفًا أنّ التحليق في سماء لبنان وكأنّها سماء إسرائيل، أنْ تقصف سماء سوريّة وكأنّها سماء غزة، أنْ تُخرّب غزة بصورةٍ دوريّةٍ وتفرِض عليها حصارًا بدون نهايةٍ، وأنْ تواصِل بالطبع احتلال الضفة، مُوضحًا أنّه فجأة قام أحد ما وقال لها: حتى هنا، على الأقّل في سوريّة، توجد حدود، وشدّدّ ليفي: شكرًا لكِ، أيتّها الأم روسيا، لأنّك وضعتِ حدًا للولد الذي لم يضع له أيّ أحدٍ حتى الآن حدودًا.وتابع: الذهول الإسرائيليّ من الردّ الروسيّ والشلل الذي أصابها فقط اظهر إلى أيّ حدٍّ كانت إسرائيل بحاجةٍ إلى أحد بالغٍ ومسؤولٍ يقف في وجهها. وتساءل: هل تجرّأ شخص ما على منع حرية عمل إسرائيل في دولةٍ أخرى؟ يُغلِق أمامها سماءً ليست لها؟ هل يمنعها شخص ما مِنْ أنْ تقصف كما تريد؟وأردف: منذ عشرات السنين لم تُواجِه إسرائيل ظاهرةً كهذه، مُشيرًا إلى أنّه في نيسان (أبريل) الماضي هدّدّ الجنرال احتياط عاموس يادلين وضباط آخرين بأنّه إذا زودّت روسيا سوريّة بصواريخ اس300، فإنّ سلاح الجو سيقصفها، والآن صمت الصوت على الأقّل حتى هذا الوقت.وأضاف: ليس هناك مِنْ دولةٍ لا تحتاج إلى أنْ تمتلك سلاحًا للدفاع عن نفسها من الطائرات، بما فيها سوريّة، وليس هناك دولة مسموح لها منع ذلك بالقوة، هذه الحقيقة الأساسيّة تبدو غريبةً على الأذن الإسرائيليّة. مُضيفًا أنّ التفكير بأنّه لا يوجد أيّ معنى لسيادة الدول الأخرى، وأنّه يُمكِن دائمًا خرقها بالقوّة، وفقط السيادة الإسرائيليّة هي المُقدسّة، وأنّ إسرائيل تستطيع التجوال في منطقة كما تريد، بما في ذلك التدخل الذي أبعاده الحقيقية لم تتضح بعد في الحرب في سوريّة دون دفع ثمن عن ذلك، وكلّ ذلك باسم أمنها الحقيقيّ والموهوم الذي يُبرِر كل شيء، فجأة وضح الفارس الروسيّ الحدّ لذلك، وكم كنّا بحاجةٍ إلى هذا الفارس كي يُعيد اسرائيل إلى حجمها الحقيقيّ.وأردف: لقد وصل في وقتٍ مُناسبٍ تمامًا، بالضبط في الوقت الذي يجلس فيه في البيت الأبيض رئيس يُدير سياسته في الشرق الأوسط حسب التوجيهات التي يتلقاها من الوكيل في لاس فيغاس، أيْ شلدون إدلسون، والمراقب في شارع بلفور، أيْ بنيامين نتنياهو، حيثُ تشعر إسرائيل بأنّها في السماء السابعة، مع وجود سفارةٍ أمريكيّةٍ في القدس وبدون الاونروا، وبعد قليل بدون الفلسطينيين.في هذا الوقت، شدّدّ ليفي، جاء الضوء الأحمر من موسكو الذي سيوازِن قليلا ثمل القوّة الذي تملك إسرائيل في السنوات الأخيرة، ربمّا ستبدأ بالاستيقاظ أخيرًا، فروسيا بدون قصدٍ سيتبيّن أنّها تُفيد إسرائيل أكثر من كلّ الدعم المجنون والمفسد الذي تحظى به من الإدارة الأمريكيّة الحاليّة وأيضًا من سابقاتها.واعتبر ليفي، أنّ روسيا حدّدّت للعالم الطريق الواجب أنْ تسير فيها إسرائيل وتعلمت اللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل، لافتًا إلى أنّه يجب أنْ يتعلّم مَنْ يؤيّدون المصالح الحقيقية لإسرائيل، ويتعلّم مَنْ يؤيّدون العدل: فقط بالقوة، وعندما تبدأ إسرائيل بتلقّي العقوبات أوْ دفع ثمنٍ، فقط في حينه ستُحسّن طريقها، مُوضحًا أنّ سلاح الجوّ سيُفكّر من الآن مرتين وربمّا أكثر قبل القصف القادم في سوريّة.وتمنّى ليفي في ختام مقاله لو أنّ فارسًا روسيًا كهذا يُحلّق أيضًا في سماء غزة، فإنّ الكثير من الموت والدمار العبثيّ كان سيتّم توفيره، لافتًا إلى أنّه لو تمّ وضع قوّةٍ دوليّةٍ في وجه الاحتلال الإسرائيليّ لكان انتهى منذ فترة، ولكن بدلاً من ذلك يوجد لدينا ترامب وإدانات تثير الضحك للاتحاد الأوروبيّ على إخلاء الخان الأحمر، بحسب تعبيره.