هزيمة الرياض كانت متوقعة منذ لحظة إعلانها. لكنه الغرور السعودي
مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ
الأستاذ حمزة الحسن
توشك حرب اليمن على الإنتهاء لتسفر عن هزيمة سعودية كبرى.
ربما يحتاج الوقت أشهراً عديدة حتى تتمظهر الهزيمة السعودية في اتفاق كامل يتوّج بانسحاب القوات المعتدية، وبعملية سياسية كانت في الأصل متاحة قبل إعلان العدوان.
هزيمة الرياض كانت متوقعة منذ لحظة إعلانها.
لكنه الغرور السعودي
ما جرى في اجتماعات ستوكهولم، وما سيجري لاحقاً يمكن توصيفه بأنه “إخراج للهزيمة” السعودية ولكن بالتقسيط الذي قد يكون مريحاً أو غير مريح.
هي بحق: هزيمة بالتقسيط!
ليس بدعا القول أن السعودية والامارات وأمريكا قد هُزمت في اليمن.
وحدهم المهزومون الذين يرفعون شارة النصر على “أنقاض الهزيمة”.
الهزيمة السعودية ـ وكما قلت ـ كانت واضحة حتى قبل أن تبدأ السعودية عدوانها.
لكن الأحمق بن سلمان وأباه كانا بحاجة الى أربع سنوات، وربما أكثر ليتأكد من ذلك!
النخبة السلطوية التي حرّضت على الحرب والعدوان ظنّت أنها (صفعاً على الأنوف) كما قال هاشتاق الساعات القليلة ما قبل العدوان.
كان صعبا إيقاظ النائمين، لأنهم حسبوا الحرب رحلة، واليمنيين مجرد عصابة وشرذمة، ثم أمريكا معهم، بل انهم كانوا يقولون ان الله (تعالى عنهم) معهم وسينصرهم!
فإذا كان الله مع آل سعود: (ان تنصروا الله ينصركم)! فلا بدّ أن ينتصروا في عدوانهم ضد الكفار اليمنيين!
فالحرب له جانب عقدي واضح بنظرهم.
واذا كانت أمريكا وبريطانيا وحلف العدوان معهم، فهم منتصرون لا محالة: (وإذ زيّن لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم).
ولهذا أعلنت الحرب العدوانية على اليمن من واشنطن وعلى لسان الجبير (السفير يومها).
ولأن النصر سيكون خلال أسبوعين، جرت تغطية العدوان سياسياً من خلال مجلس الأمن وقراره ٢٢١٦، الذي يكشف ان من صاغه ووقع عليه كان يعتقد انه (بعد غد ليس إلا) سيتحقق النصر السعودي المؤزّر.
الحال ان الحرب كانت هزيمة منذ لحظة ولادتها.
لكن: (ما دلّهم على موته إلا دابّة الأرض تأكل منسأته).
كان علينا أن ننتظر حتى يصل آل سعود وامريكا الى النهاية التي رأوها مستحيلة:
انها الهزيمة بكل معانيها.
هزيمة العدوان، بهزيمة أهداف العدوان!
وقد بدأت النهاية في ستوكهولوم بـ “التقسيط”!
الآن..
وكما تمّ إقناع الشعب المُسَعْوَد بضرورة (شنّ) الحرب!
يتم إقناعه بـ (الإنتصار) الوهمي التويتري فيها!
لا بدّ من إخراج ما، فلعل بعض ماء الوجه السعودي ـ الأمريكي يتم حفظه.
من انتصر في الميدان، هو من سينتصر في المفاوضات.
الهزيمة لم تكن بـ (الضربة القاضية) وانما بـ (النقاط)!
بين (الضربة القاضية) والفوز بـ (النقاط)، حقق اليمنيون معجزتهم بحق!
وأنا أراها أكبر من معجزة حزب الله في مواجهة الصهاينة في حرب تموز ٢٠٠٦.
وقد قلتها من قبل لأحد الأخوة الحجازيين: اذا اردت ان ترى المعجزة، فانظر الى اليمن. كان ذلك في ٢٠٠٩، فيما أظن!
نعم هزم اليمنيون آل سعود وأمريكا!
في مفاوضات ستوكهولوم، كان وفد أنصار الله يُعامل كمنتصر. وكان يتصرف بمعايير الدولة، وكان كلام أعضاء الوفد ينمّ عن خبرة مرصد طه الإخباري سياسية ومصداقية، وكانت قرارته الصعبة تتخذ بدون تعطيل؛ فيما كان وفد الرياض اليمني، ممزقاً بين أكثر من ثلاث كتل. لم يكن مخولا بشيء سوى تخريب المباحثات، وفشل في ذلك!
جاء وفد الرياض بغرض تمضية الوقت وليس التفاوض.
أضاع يومين كاملين في جدل تافه حول: لماذا وفدكم ١٢ ونحن ١٠، وأمثال ذلك!
الى ان اكتشف من يديره في الرياض بأنه لا بدّ من إنجاز شيء ما لإيقاف الحرب العدوانية.
لم تكن للوفد صلاحيات.
لم تكن لديه معلومات حتى عن اسراهم فبحثوا عنها في تويتر!
لم تكن الرياض حاضرة في ستوكهولم، وهي التي تزعم بأنها اتخذت قرار الحرب وحدها!
سفيرا الامارات امريكا كانا يوجهان المفاوضات!
سفير آل سعود في اليمن حضر ٢٤ ساعة وقام بالتصوير وعاد. والجبير لم يأت
الاعلام السعودي شبه غائب.
كان وفد صنعاء نجم الإعلام لأنه: كان وفد المنتصرين عسكرا وسياسة!
في ستوكهولم قدمت الأمم المتحدة (علنا) خمس قضايا لإيقاف الحرب.
لكن الأمريكي هو من قال بـ (تقسيط الهزيمة).
سيتم “تبليع” سلمان وإبنه الهزيمة بالتدريج.
ولتبدأ الجرعة الأولى بالحديدة، رغم أنها الملف الشائك الأكبر!
اعلام الرياض لا يدري هل يروج لنصر “انسحاب الحوثي” ام يشتم الإتفاق؟!
قبل أن يُوقف اطلاق النار الليلة، شنّت الرياض آخر معاركها في الحديدة (ربما)، وتلقت هزيمة منكرة.
ربما جاء ذلك إرضاءً للقاعدة (العمالقة!) الذين كان ممثلهم في ستوكهولم ـ تلميذ المحيشي ـ حاضراً مندداً!
ربما يقتنع الآن القاعديون بأن لا أفق في الحرب، وأن درس يوم امس التعليمي كان قاسيا!
حتى لو فشل اتفاق الحديدة، فهذا لا يغيّر من نتيجة الحرب: هزيمة السعودية وحلفائها.
المرجح ان ينجح اتفاق الحديدة. وأن يصدر قرار جديد من مجلس الأمن يُبطل مفاعيل قرار مجلس الأمن ٢٢١٦.
لم تعد هناك من قيمة لمبادرة السعودية ولا قرار ٢٢١٦.
الميدان العسكري، حسم الخيار السياسي وانتهى الأمر!
ستكون حكومة صنعاء أكثر حرصا على إيجاد مخارج تحفظ بعض ماء وجه السعودية.
والسبب: بدون هذه المخارج “الشكلية” لن توقع الرياض على صك الهزيمة.
ولا بد أن تقدم حكومة صنعاء بعض التنازلات حتى يبلع السعودي السم، فهي في النهاية “أم الصبي” وشعبها يعاني، وتنازلها لرفع المعاناة الإنسانية عنهم!
إيقاف الحرب قد لا يتم نهائياً إلا بعد أشهر عديدة وربما استغرق سنة كاملة.
لا أعلم إن كان ابن سلمان سيستفيد من دروس “الهزيمة”؛ لكن حرب اليمن وضعت الرياض في حجمها الطبيعي: عسكريا وسياسيا.
مقتل آل سعود وصبيانهم ومستشاريهم كان وسيبقى : الغرور والانتفاخ القاتل، واستصغار الخصم بشكل بائس!