ماذا يعني حـدوث حركة إحتجاجات شعبية في السعودية ؟ 

مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ

يعاني نظـام آل سعــود من مسألة خطيرة جدا ، وهي إنفـراط عقد الولاء للملك ووليّ عهده من شريحة كبيرة لا يُستهـان بها من الشعب السعودي ، يمكن إجمالها في سبع فئات وهي :

١- أسـرة آل سعود الناقمة على سلمان وولده :

بعـد أن غالى محمد بن سلمان في إذلال وإخضاع وإستهداف بني عمومته من آل سعود ، وتجريد أقويائهم من مناصبهم ( مثل متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني ، ومحمد بن نايف ولي العهد ووزير الداخلية السابق ) ، وقيامه بسلب المليارات من أثريائهم فيما عـرف بـ : ( أمـراء الريتز ) تحت الضغط والتهديد والإكراه والضرب والإهانة والإحتجـاز القسري ، وتطاوله على كبار رجـالات العائلة ؛ فإني أجـزم أن هـؤلاء سيكونون ممنونين لأي حـراك داخلي يؤدي لإسقاطه ، بل سيكونون الداعمين الأساسيين لهذا الحراك بغية الخـلاص من بن سلمان وأبيه ،  مرصد طه الإخباري وهـؤلاء لا مشكلة لديهم في أن يضعوا أيديهم بيـد أي عـدو له سواء أكـان داخليا أم خارجيا ، فهي فرصة إن لم يُحسنوا إستغلالها لن تتّأتى لهم مجددا ، وهم لا يضمنون أن نجـى منها ربما يكون الثمن تصفيتهم فيما بعد واحدا تلو الآخـر ، ولذلك فإن إنفراط عقد الولاء لسلمان وولي عهده داخل العائلة الحاكمة هي أخطر مشكلة تواجه السعودية في أي تحديات قادمة .

2- المدرسة الوهابية :

 لن تنسى المدرسة الوهابية ما فعله بن سلمان بكبار مشايخها وعلمائها ، عندما سفّه آرائهم وأحـلامهم ، وأسقط هيبتهم بأن ألزمهم بالتراجع عن آراء وفتـاوى طالما إستماتوا في الدفاع عنها والتنظير لها ( لتتناسب مع الصورة الحداثية التي أراد أن يبرزها للغرب ) ، فجعلهم مسخـرة أمام العالم كله ، وعرضة للتطاول عليهم من قبل الذين كانوا في يوم من الأيام يحسبون لهم ألف حسـاب .

مضافا إليه أن بن سلمان كسـر عقد التوافق بتقاسم السلطة بين الوهابيين وآل سعود ( المُلك لعبدالعزيز والدين لإبن عبدالوهاب ) ، وبالتالي فهو عمليا قد أزال سلطتهم التي كانوا يتمتعون بها ،و إحتكرها لنفسه لا ينازعه أحد فيها ، كما تجرأ عليهم بتعمد إهانتهم وتقليل إحترامهم ومكانتهم التي كانوا يتمتعون بها منذ ما قبل عهد الملك عبدالعزيز إلى عهد الملك عبدالله ، ليبدء عهد إستصغارهم وإحتقارهم ( بكل ما للكلمة من معنى ) في مُلك سلمان وولده ،  مرصد طه الإخباري وخيّرهم بأن أرادوا النجاة من بطشه أن يسايروه في كل ما يطلبه منهم ، ومن أصر على مخالفته وتمسك بمعتقداته كان مصيره الضرب والسجن كـائنا من كان ، حتى وإن كان خطيبا في المسجد الحرام أو أحد كبار هيئة الامر بالمعروف فالأمرعنده سيان ، لذلك فهـؤلاء نار تحت الرماد يتربصون الفرصة في الإنقضاض على بن سلمان وأبيه ، ولا يمكننا الإستهانة بخزانهم البشري الضخم الذي لا زال مواليا لهم .

3- الأخـوان المسلمون :

هـؤلاء لن يغفروا لآل سعــود ما فعلوه بهم منذ عهد الملك سعود ( الذي تولى الملك في 1953 ) إلى عهد الملك سلمان اليوم ، لا سيما وأن بن سلمان غالى في تتبعهم تحت كل حجر ومـدر ، وحـرّض عليهم خليجيا وعربيا وإقليميا وعالميا ، ولَم يهدأ له بال حتى ألصق بهم صفة الإرهـاب .. هـؤلاء لديهم ثارات معه ومع أسرته لن يفوّتوها إن جائتهم الفرصة التي ينتظرونها منذ زمن بعيد .

٤ـ شعب الجنوب السعودي ( في الحقيقة هي أراضي يمنية محتلة ) :

هـؤلاء عانوا من الظلم والتهميش ومسخ الهوية والتدخل المستمر من قبل النظام في كل شـؤون حياتهم ، وصولا إلى التضييق عليهم في حرية المعتقدات التي يؤمنون بها ، لذلك لن يوفروا فرصة الإنقـلاب عليه والعودة إلى أصولهم الضاربة في عمق التاريخ والحضارة وهي الأصـول اليمانية .

 ٥- أفـــراد الجيش السعودي الناقمين على وزير الدفاع محمد بن سلمان نفسه :

لا يمكن الإستهانة بآلاف الجنود السعوديين البسطاء ، الذين زج بهم بن سلمان في عدوانه على اليمن ( الحـد الجنوبي ) وهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، حيث لَم يقدّر لهم وقوفهم معه ( الأغلب مضطرا ) ، بل فرض عليهم عقوبات صارمة وصلت الى حـد هدم بيـوت الكثيرين منهم ، ممن تهرّب أو تخلف عن الإلتحاق بجبهات العدوان ، التي أُستعملوا فيها وقودا وحطبا لعنجهيته وأطماعه ، فهـؤلاء أيضا لن يوفروا فرصة الإنقـلاب عليه ورفع السلاح في وجه القوات الموالية له ، والدليل حركة إستقالات 60 ضابطا من رتبة مقدم الى رتبة لواء في مطلع تشرين أول 2018 – إستقالاتهم تهربا من حرب اليمن – لا سيما وأن الجيش السعودي الحالي بضباطه ورتبائه شعروا بالفرق بين أيام العز التي كانوا عليها في عهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد ووزير الدفاع السابق ، الذي لم يكن يرد لضباطه وجنوده طلبا ،  مرصد طه الإخباري وكان دائم التواصل معهم ومكثرا من تفقد أحوالهم ، وبين عهد محمد بن سلمان ولي العهد ووزير الدفاع الحالي الذي عاملهم كعبيد مستخدمين له ، عليهم واجب الولاء والطاعة دون مناقشة .

٦- أفـراد الحرس الوطني الموالين لعائلة الملك عبدالله :

هي المؤسسة العسكرية القوية الموالية تاريخيا لمؤسسها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز وأولاده الذين غالى بن سلمان في إذلالهم بدءا من كبير العائلة وزير الحرس السابق متعب بن عبدالله وأربعة من أشقائه الذين إعتقلهم وأهانهم وجردهم من جميع مناصبهم ( وزير الحرس الوطني ، أمير مكة ، أمير الرياض ، نائب وزير الخارجية ) .

فالمعروف أن أغلب المنتسبين للحرس الوطني سـواءً أكانوا ( ضباطا أم أفرادا ) هم من العشائر الموالية للملك عبدالله وأولاده ، لدرجة أن شعارهم التاريخي المعروف – حتى من قبل أن يصبح عبدالله ملكا أو ولي عهد – هـــو : ( الولاء لله ثم لعبدالله ) ، فهـؤلاء هم أكثر تشكيل عسكري يحتمل أن يرفع السلاح عندما تّتأتى له الفرصة المناسبة في وجه سلمان وولده إنتقاما للملك عبدالله وأولاده .

٧- شيعة المنطقة الشرقية ( القطيف ) :

وهـذه الفئة يعتبرها بن سلمان أخطر الفئات المذكورة عليه ، لا سيما بعد مغالاته في محاولة منه لتركيعهم وإذلالهم وقهرهم بكل وسيلة أتيحت له ، وهو الذي لَم يتورع عن ضرب قراهم بالأسلحة المحرمة ، وقتل الكثير من شبابهم إغتيالا أو إعداما ، ووضع المئات من خيرة أبنائهم في السجون إلى اليوم ، حيث قضى الكثيرون منهم تحت سياط التعذيب الرهيب ، ناهيك عن التضييق عليهم في كل مجالات العيش والحياة .

شيعة المنطقة الشرقية هم أصحـاب الظلامة الحقيقية في السعودية بأكملها ، ولَم يحصل إستهداف ضد طائفة أخـرى كالإستهداف الذي جرى على أتباع أهل البيت (ع) ، ولذلك إذا قامت قيامتهم سيقف العالم كله على قدم واحـــدة ، لا سيما وأن داء ودواء العالم يوجــد تحت أقدامهم وفي أراضيهم ، ونقصــد به طبعا : ( النفــط ) !!

نعم خيرات النفط السعودي توجد في أرضهم وهم المحرومون منه ، فهـل يتوقع عاقل إذا قامت أي حركة تمرّد في السعودية تزامنا مع إغـلاق مضيق هرمز سينأى الشيعة بأنفسهم عنها ؟

شخصيا لا أعتقد ذلك ، لما أراه من حـركة وعي وتصحيح ثوري داخلي منتشرة بين شيعة القطيف خصوصا ، لا يضاهيهم فيها أي شيعة بالخليج ســوى البحارنة الذين سنتحدث عنهم بعد قليل ، وهم إذا ثـاروا ستكون ثورتهم بركـانا يحدث إنفجـارا مدمرا لآل سعــود نتيجة تراكمات من الظلم والقهر والتهميش والإستبداد والقتل الذي لحق بهم على مدى عقود من حكم آل سعود .

 النظرة العامة للشعب السعودي تجــاه بن سلمان :

أضف إلى كل ما سبق حالة اليأس والإحباط التي أصيب بها عامة الشعب السعودي من سياسات محمد بن سلمان والتي ضربت الإقتصاد السعودي وأصابته في مقتل منذ تولي والده السلطة ،  مرصد طه الإخباري حيث أدت سياساته الإقتصادية الفاشلة إلى إتساع رقعة خط الفقر ( من قرابة المليوني نسمة في 2014 لتصبح أربعة ملايين نسمة يعيشون بأقل من 530 دولار شهريا ) ، وإرتفاع نسبة البطالة خلال الثلاث سنوات ونصف من حكم والده لتلامس % 13 وهو رقم مهول بالنظر إلى فئة الشباب السعودي المؤهل للعمل .

ولا ننسى كارثة فرض ضرائب على كل الخدمات التي كانت تقدمها الدولة مجانا ، ورفع الدعم عن التي كانت تساهم الدولة فيها لمحاولة سد العجز الذي تعاني منه الخزينة ، وهروب رؤوس الأموال الأجنبية خارج البلاد ( من أصل 8 مليار $ إستثمارات أجنبية في 2016 لم يتبقى سوى قرابة 1.5 مليار $ ) بسبب حالة الهلع التي تسبب بها إستهداف رجال الأعمال وأثرياء البلاد الذين تم الإستيلاء على أموالهم وأصولهم وشركاتهم بعد وضعهم في السجون ( أمثال بكر بن لادن وأخوانه ، الوليد بن طلال ، محمد العامودي ، صالح كامل وأولاده ) .

ولا يجب أن ننسى عجز الموازنة الذي يقدّر بـ 260 مليار دولار خلال أربع سنوات من حكم سلمان ، مضافا إليه دين عام يقـدّر بـ : 120 مليار دولار .

كل هذه المصائب وبن سلمان أنفق قرابة 65 مليار دولار على شراء السلاح في 2017 ، ناهيك عن تكلفة حرب اليمن التي كلّفت الإقتصاد قرابة 400 مليار في أربع سنـوات ، والصرف على ملذاته الشخصية ( اليخت الذي إشتراه بـ : ٥٠٠ مليار دولار مثال على بذخه ، والقصور الشخصية الفارهة التي يبنيها في منطقة نيوم )

الأمــر الذي يعني أن الشعب السعودي بكل فئاته وطوائفه وتياراته متفق على أن بن سلمان تسبب في إفقاره وفِي تصفير خزينة البلاد وترتيب الديون عليها وهي التي لم تعرف الدين سـابقا .

أي أن خيـار الثورة والإنقلاب عليه يوجـد لهما أرضية خصبة مشتركة بين كافة أطياف الشعب السعودي ، وهو مهيأ للإنفجـار في أي وقت مع أول فرصة تتأتّى له .

الأمــر الذي يعني بكــل جديّة : إذا إنطلقت شرارة التمرد على آل سعــود ؛ هل يضمن الأمريكان إخمادها بسهولة ؟ علما بأن السلاح متوفر وبكثرة في كل أرجاء البلاد ( وعلى قفا من يشيل في المهلكة ) وعندما تحين ساعة الجد سيخرج هذا السلاح من حيث لم يحتسب الأمريكان وآل سعود على حد سواء ، مضافا إليه سلاح الجيش والحرس الوطني الذي سيوجّه ضد سلمان وولده والعائلة المارقة بهدف إسقاطهم نتيجة تراكمات ظلم 90 عاما ، وكل ذلك سيؤثر على ســوق النفط العالمي الذي ستكون فيه واشنطن المتضرر الأكبر !!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى