الزلزال التركي ـ الايراني ؟!
مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ
نبيه البرجي
خلال ولاية باراك اوباما , شاع الحديث عن نظرية “القيادة من الخلف” . وحين حدث الانزال الأميركي على الضفة الشرقية من نهر الفرات , شاعت نظرية “القيادة من الخاصرة” .
منذ عام وأكثر , ماذا فعلت القوات الأميركية سوى مداعبة تنظيم داعش الذي لا يبعد معسكره سوى كيلومترات قليلة ؟طائرات الأباتشي تبدو وكأنها تؤدي رقصة الفالس فوق المعسكر . الطيارون الذي يختالون في الجو يتمتعون بمنظر تلك الظواهر التي كما لو أنها خرجت للتو من الكهوف .
غارات فولكلورية . الخبراء يؤكدون أن باستطاعة تلك القوات ازالة المعسكر , وتوابعه , في غضون مائة ساعة أو اقل . لا نعتقد , بل نجزم , أن الغزو الأميركي لتلك المنطقة كان لأغراض أبعد بكثير من التصدي للتنظيم الذي كما لو أنه يعمل تحت القيادة الأميركية .
الوجود الأميركي هناك , وبتنسيق مع الرياض وتل أبيب, جاء في اطار السيناريوات الخاصة بتقويض النظام , أو بتجزئة سوريا , أو حملها على توقيع معاهدة سلام مع بنيامين نتنياهو .
كل تك الرهانات العبثية تهاوت تباعاً . دنيس روس اعترف , يائساً , بأن المدة الزمنية القصوى (القصوى جداً) لسقوط بشار الأسد كانت عاماً واحداً . لم يسقط . هذا يعني ألاّ قوة تستطيع ازاحته لا اليوم , ولا غداً , ولا بعد غد .
بشار الاسد الدور لا الشخص , الفلسفة الاستراتيجية لا الشخص , الرؤية السياسية لا الشخص .كل ذلك الصراخ الذي تعالى في ارجاء الشرق الأوسط تنديداً بقرار دونالد ترامب الخروج من سوريا . أين حلت الولايات المتحدة , وهي الأمبرطورية العظمى , ولم يحل
معها الخراب ؟ انظروا الى العراق , والى أفغانستان , والى فيتنام , والى كوريا .جيمس ماتيس استقال , وهو الذي أبدى خشيته من فوضى الحرائق في المنطقة , ورفض زيادة العدد الى عشرة آلاف (تليه عشرات الآلاف) , لأن البيت الأبيض لم يأخذ برأيه البقاء التكتيكي كي “لا نفقد كلياً ثقة الحلفاء” .لا نحتاج الى أي دليل اضافي لنزداد يقيناً بأن الادارات الأميركية المتعاقبة التي تغطي كل البربريات الاسرائيلية هي من تؤمن التغطية للتوتاليتاريات , وللديكتاتوريات , العربية الأكثر عتوّاً في التاريخ , والتي قتلت الزمن , وقتلت العقل , في المجتمعات العربية .
اليوت أبرامز يكاد ينتحب . يفترض بالقوات الأميركية أن تبقى هناك لتحول دون النظام واستثمار الثروات في المنطقة (النفط والغاز والقطن والحبوب) . في هذه الحال , ماذا يقول نهر الفرات الذي قامت على ضفافه الممالك الكبرى , والتراجيديات الكبرى ؟هكذا تقاطعت الأسئلة السعودية والاسرائيلية حول مآل صفقة القرن التي , لعلمكم , لحظت أن تتولى السعودية الادارة المباشرة للمقدسات الاسلامية في القدس . ولطالما تحدثنا عن العناق بين الكعبة والهيكل .الخشية في الرياض , كما في تل ابيب , مرصد طه الإخباري من ان يكون الخروج الأميركي مدخلاً لحصول تغييرات دراماتيكية في المعادلات الاقليمية . هذا لا ينفي أن يكون بين المسؤولين الخليجيين من يدعو الى اعادة النظر في السياسات , أي في التبعية المطلقة للولايات المتحدة .
الحملة على بن سلمان , في تلة الكابيتول , وفي وسائل الاعلام التي تعكس مواقف مراكز القوى الكبرى , اظهرت أن الولايات المتحدة لا تتعامل مع الدول الحليفة , لا سيما الأنظمة الخليجية , أكثر من كونها دمى الكترونية , وتدار بالريموت كونترول .كيف يمكن التصور أن واشنطن عاجزة عن معالجة الأزمة بين السعودية وقطر , والدولتان تستضيفان القواعد والأساطيل الأميركية ؟ في الخليج دعوات الى التمثل برجب طيب اردوغان , مرصد طه الإخباري حيث المساكنة العجيبة (والعجائبية) بين صواريخ الباتريوت وصواريخ الـ”اس.اس ـ “400 , وحيث الانتماء الى حلف الأطلسي والتعاون الاستراتيجي مع الكرملين .
فلاديمير بوتين مد كلتا يديه الى البلاط . في حرب اليمن اعتمد النصيحة لا الانتقاد . تعامل مع عبد ربه منصور هادي , بكل مواصفاته الكاريكاتورية , على أنه رأس الشرعية في بلاده .الى ذلك , “التعاطف” الروسي مع موقف الرياض حيال قضية مصرع جمال خاشقجي . موسكو تبنت المسار القضائي في المملكة . الصينيون لم ينبسوا ببنت شفة . يعلمون , كما الروس , أن الأميركيين أثاروا كل ذلك الضجيج لأسباب سياسية لا لأسباب أخلاقية .
الآن , دونالد ترامب يخلي الساحة . رهان اردوغان بلغ مداه على ازالة ولي العهد السعودي . هل بات ممكناً الحديث عن تفاهم (أو تقاطع) استراتيجي بين انقرة وطهران يحدث زلزالاً في الشرق الأوسط ؟الأرض السورية هي الاختبار . اثناء زيارة حسن روحاني لتركيا , كان هناك توافق على وحدة , وسيادة , الأرض السورية , وعلى التعاون لحل الأزمات الاقليمية .
في مقال أخير , قلنا اننا أمام تحولات كبرى , مفاجآت كبرى . لقد دقت الساعة …