الحرب النفسيّة تستعّر: سكوت سيّد المُقاومة حيّال الأنفاق المزعومة يؤرِق الإسرائيليين

قيادةً وشعبًا والإعلاميّ المُمانِع علي شعيب يقُضّ مضاجعهم....

مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ

 زهير أندراوس

منذُ أنْ أطلقت إسرائيل عمليتها العسكريّة المُسّماة “درع شماليّ” لتدمير أنفاق حزب الله المزعومة على الحدود الشماليّة، وهي تتساءل، قيادةً وشعبًا: أين سيّد المُقاومة السيد حسن نصر الله، الأمين العّام للحزب؟ لماذا لم يطّل ويُلقي خطابًا يرُدّ فيه على ادعاءات دولة الاحتلال؟ وبطبيعة الحال، تنضّم جوقة الـ”مُحللّين” للشؤون السياسيّة والعربيّة في وسائل الإعلام العبريّة لتقود هذه الحملة، التي لم توثّر، حتى اللحظة، لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ على قرارات السيّد نصر الله، الذي اختار طوعًا، عدم التطرّق للموضوع بتاتًا، الأمر الذي أثار حفيظة صُنّاع القرار في تل أبيب، وهم من ناحيتهم أطلقوا العنان لإعلامهم المُتطوِّع للقيام بهذه المُهمّة، دون أنْ يتنازلوا ولو للحظةٍ عن التحريض على حزب الله وقادته.

وأمس الأحد، في النشرة المركزيّة لهيئة البثّ الإسرائيليّة شبه الرسميّة (كان)، تمّ بث تقريرًا عن الحرب النفسيّة الدائرة بين حزب الله من جهةٍ وبين كيان الاحتلال من الجهة الأخرى، ويُمكِن اعتبار التقرير رقمًا قياسيًا في الوقاحة الإسرائيليّة والصلف الذي يُميّز الإعلام العبريّ: الصحافيّ روعي كييس، المسؤول عن الشؤون العربيّة في (كان) اتصلّ هاتفيًا بالصحافيّ اللبنانيّ المُقاوِم،مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ علي شعيب، وبلكنةٍ عربيّةٍ واضحةٍ أنّها ليست من عربيٍّ، طلب منه التعقيب على ما يقوم به شعيب، من حربٍ إعلاميّةٍ ضدّ إسرائيل، على وسائط التواصل الاجتماعيّ، فما كان من مُراسِل قناة (المنار) التابِعة لحزب الله، إلّا أنْ أغلق الهاتِف في وجه الإعلاميّ الإسرائيليّ، دون أنْ ينبّس ببنت شفة.

ولكنّ مُعّد ومُقدّم التقرير في التلفزيون العبريّ أقّر بأنّ الصحافيّ اللبنانيّ يُسبّب “الصُداع” لصُنّاع القرار في تل أبيب، وماكينة الدعاية الصهيونيّة على نحوٍ خاصٍّ، لأنّه لا ينفّك عن نشر الفيديوهات الاستفزازيّة عبر (فيسبوك و(تويتر)، والتي تُحرِج وتُربِك إسرائيل والإسرائيليين، إذْ أنّه يتعمّد، بحسب التلفزيون العبريّ، تصوير عمليات البحث الإسرائيليّة عن الأنفاق بشكلٍ استفزازيٍّ، لا يخلو من تسخيف العملية التي يقوم بها جيش الاحتلال،مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ على مدار الساعة، كما أنّه يتلّقي الدعم من قناة (المنار) التي بثت تقريرًا عن ردود فعل العدوّ، بحسب تعبيرها، على التقارير التي ينشرها شعيب. بكلماتٍ أخرى، لا نُجافي الحقيقة بتاتًا إذا جزمنا إنّ الإعلاميّ اللبنانيّ يُقاوِم دولةً كاملةً، تقِف عاجزةً أمام هذه الظاهرة، إذا جاز التعبير.

كما تطرّق التقرير التلفزيونيّ الإسرائيليّ إلى مُراسِل قناة (العالم) في المنطقة، حسين مرتضى، وقال في هذا السياق إنّ هذا الصحافيّ يُساهِم كثيرًا في الحرب النفسيّة التي يقودها حزب الله عبر الإعلام التابِع له، وعليه، فإنّ الناطِق بلسان جيش الاحتلال لوسائل الإعلام العربيّة، الضابط أفيحاي إدرعي، وجد نفسه مُضطرًا إلى الردّ على الإعلاميّ اللبنانيّ شعيب في وسائط التواصل الاجتماعيّ والزعم، طبعًا، بأنّ عمله لا يمُتّ بصلةٍ إلى المهنيّة، على حدّ تعبيره.

ولم تتوقّف المشاكل في تل أبيب عند هذا الحدّ، فقد برزت الخلافات بين رئيس الوزراء الإسرائيليّ ووزير الأمن، بنيامين نتنياهو، وبين قادة جيش الاحتلال، عندما طلب رئيس الوزراء تغيير اسم العمليّة بحث تُصبِح مشروعًا هندسيًا فقط، الأمر الذي رفضته قيادة الجيش الإسرائيليّ، جملةً وتفصيلاً.

علاوةً على ذلك، فإنّ وزير الأمن المُستقيل، أفيغدور ليبرمان، أكّد في مقابلةٍ مع الإذاعة العبريّة على أنّ نتنياهو ولأسبابٍ سياسيّةٍ داخليّةٍ، آثر الانتقال من الجنوب، أيْ من قطاع غزّة إلى الشمال، أيْ إلى حزب الله، تاركًا أمن وآمان سُكّان جنوب الدولة العبريّة رهينة بأيدي حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) وباقي تنظيمات المُقاومة في قطاع غزّة، على حدّ تعبيره.

مُضافًا إلى ما ذُكر أعلاه، فإنّ الولايات المُتحدّة الأمريكيّة وإسرائيل، اللتين نقلتا قضية الأنفاق المزعومة إلى مجلس الأمن الدوليّ، اضطرتا باعترافٍ رسميٍّ من قبل تل أبيب، إلى عدم عرض الموضوع للتصويت أمام المجلس خشيةً من أنْ تقوم روسيا باستخدام حقّ النقض (الفيتو) لإفشال مشروع القرار، بالإضافة إلى ذلك، اعترفت إسرائيل بأنّ مُحاولاتها لوضع القضيّة على أجندة الإعلام الغربيّ فشلت فشلاً مُدويًّا، ولم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ، بل أنّ الإعلام العبريّ، الذي يعكِس آراء وأفكار المؤسستين الأمنيّة والسياسيّة في دولة الاحتلال، لم يعُد يهتّم بالموضوع، تقريبًا بتاتًا.

ويبدو أنّ سكوت سيّد المُقاومة، السيد حسن نصر الله، بات يؤرِق ويقُضّ مضاجع الإسرائيليين. فهُمْ يُحاوِلون بشتّى الوسائل والأساليب استفزازه وإلزامه على التحرّك وقف مخططاتهم، ولكنّ الفشل الذريع كان من نصيبهم، وهكذا، كما يؤكّد الإعلام العبريّ، تنتظِر إسرائيل سماع تعقيب السيّد نصر الله، الذي على ما يبدو، قرّرّ حتى اللحظة عدم الاهتمام بالموضوع، وليُوجّه لهم رسالةً حادّةً كالموس أنّه هو الذي يُقرّر قواعد اللعبة والاشتباك، ليس في أرض المعركة العسكريّة فقط، بل أيضًا في ميدان الإعلام والحرب النفسيّة.

رأي اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى