هل جرى تفعيل صواريخ “إس 300” السوريّة فِعلًا وباتت في وضع عمليّاتي ممّا دفع نِتنياهو للهرولة إلى موسكو مذعورًا؟

وما هي الرّسالة التي حملها “المعلم” إلى الجِنرال شمخاني ودفعته إلى التّأكيد بأنّ الرّد على الاعتِداءات الإسرائيليّة سيكون رادعًا؟ السيّد نصر الله كان أوّل “المُبشِّرين” في إطلالته الأخيرة على “الميادين”

مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ

عبد الباري عطوان

أن يسير بنيامين نِتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي على نهج حليفه دونالد ترامب ويُغرّد باللّغات الثّلاث العبريّة والإنكليزيّة والفارسيّة عن عزمه زيارة موسكو يوم 21 من شهر شباط (فبراير) الحالي للقاء الرئيس فلاديمير بوتين، فهذا يعني أنّ استجداءاته المُستمرّة منذ ثلاثة أشهر قد أعطَت مفعولها في نهاية المطاف أوّلًا، وأنّ هُناك مسألةً خطيرةً جدًّا تستدعي هذه الزيارة ثانيًا.

هُناك أربعة تطوّرات رئيسيّة يجب أخذها بعين الاعتبار لتَفحّص الأهداف الحقيقيّة لهذه الزيارة المُفاجئة، ومُوافقة الجانب الروسيّ على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيليّ بعد مُحاولات رفض مُتعدّدة،مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ ولقاء عابر “بارد” بين الرّجلين، أيّ بوتين ونتنياهو على هامِش قمّة العِشرين في العاصمة الأرجنتينيّة في بوينس آيريس أواخِر شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي:

الأوّل: نشر صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيليّة صُورًا لثلاث منصّات صواريخ روسيّة، ورابعة مُموّهة، مِن نوع “إس 300” في وضع الاستِعداد أو الوضع العمليّاتي، أيّ جاهزة للاستِخدام الفوريّ.

الثّاني: كشف السيّد حسن نصر الله، أمين عام “حزب الله”، في لقائه الأخير مع قناة “الميادين” أنّه في أيّ لحظة قد يتم اتّخاذ قرار من قبل سورية ومحور المُقاومة للتّعاطي بطريقةٍ مُختلفةٍ مع الاعتِداءات الإسرائيليّة على سورية.

الثّالث: تأكيد الجِنرال علي شمخاني أمين سِر المجلس الأعلى للأمن القوميّ الإيرانيّ لدى استقباله السيّد وليد المعلم، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجيّة السوري، بأنّ إيران سترد بشكلٍ حازمٍ ورادعٍ إذا استمرّت إسرائيل في مُهاجمة أهداف في سورية.

الرابع: صحيح أنّ السيُد المعلم هو شيخ الدبلوماسيّة السوريّة، أيّ أنّه مُختص في الأمور السياسيّة، وليس جِنرالًا عسكريًّا يتولّى منصبًا في المُؤسّسة العسكريّة في بلاده، ولكنّه الشّخص “الثّقة” المُكلّف بالملف السوريّ الروسيّ بكُل جوانبه، ومُعظم الرسائل الاستراتيجيّة التي بعثت بها القيادة السوريّة إلى موسكو تمّت عبره،مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ ومِن خلال زيارات قام بها إلى العاصمة الروسيّة التقى خِلالها بالرئيس فلاديمير بوتين.

***

نِتنياهو معروفٌ بالكَذب واتّباع كل وسائل التّضليل المُمكِنة، في أوساط مُستوطنيه الإسرائيليّين الذين لا يثِقون به، وأثبتت الاستطلاعات الإسرائيليّة أن 80 بالمئة من هؤلاء يصدّقون كُل كلمة يقولها السيّد نصر الله، ولهذا فإنّ قوله في تغريدته المذكورة آنفًا أنّ الهدف من زيارته المُقبلة لموسكو هو “بحث التموضع الإيراني في سورية، ومنع إيران من فتح جبهة جديدة ضِد إسرائيل في هضبة الجولان” لا يُمثِّل إلا نِصف الحقيقة إن لم يَكُن أقل.

الهدف الرئيسيّ من زيارة نِتنياهو لموسكو في رأينا، والكثير من المُحلّلين، هو الرّعب الإسرائيليّ من تفعيل منظومات صواريخ “إس 300” لأنّ هذه الخطوة تعني القضاء بشكلٍ شِبه نهائيّ على استهداف الطائرات والصواريخ الإسرائيليّة للعُمق السوري، وتزايُد احتِمالات الرّد السوريّ الإيرانيّ عليها، سواء بإسقاطها، أو بقصف أهداف استراتيجيّة في فِلسطين المُحتلّة.

تسريب إحدى الصحف الروسيّة خبرًا نقلًا عن مصادر عسكريّة عالية المُستوى يؤكد أنّ وحدات الدفاع الجوي السوريّ ستُكمل تدريباتها على كيفيّة استخدام منظومات “إس 300” في شهر آذار (مارس) المُقبل هو الذي بثّ الرّعب في قلب نِتنياهو، خاصّةً أن هذه الخُطوة تأتي قبل شهر من الانتخابات الإسرائيليّة التشريعيّة (الكنيست)، فهذا التّسريب لم يكن سبقًا صحافيًّا،مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ وإنّما جاء مقصودًا لتوجيه رسالة واضحة إلى نِتنياهو تُحذّره من أيّ عدوان جديد على سورية، أو هكذا نفهمها.

القيادة الروسية شعرت بإحراجٍ كبيرٍ من جرّاء تواصل هذه الاعتداءات الإسرائيليّة على سورية، ولكنّها تتمتع بسياسة النّفس الطّويل في مِثل هذا النّوع من الأزَمات، وآخرها أزمة إسقاط الأتراك لإحدى طائراتها قُرب الحُدود السوريّة في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2015، ويبدو أن كيلهم قد طفح من جرّاء تواصُل هذه الاعتِداءات، أو هكذا نعتقد.

***

منظومات صواريخ “إس 300” التي تسلّمتها وحدات الدفاع الجويّة السوريّة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وأوشكت على إكمال التّدريبات حول كيفيّة تشغيلها بكفاءةٍ عاليةٍ على أيدي الخُبراء الروس، هي النّسخة الأحدث والأكثَر تطوّرًا، ومُزوّدة بأجهزة رادار قادرة على رصد الطائرات المُعادية لحظة إقلاعها،ن ويُمكِن أن تُصيب أهدافها على بُعد 250 كيلومترًا، وعَرباتها قادِرة على التحرّك وتغيير مواقعها لتَجنُّب ضربها في دقائق معدودة حسب المعلومات العسكريّة المُتخصِّصة.

عندما يقول السيد نصر الله إنّه قد يتم اتّخاذ قرار في أيّ لحظة من محور المُقاومة للتّعاطي بطَريقةٍ مُختلفةٍ مع الاعتِداءات الإسرائيليّة والرّد عليها،ن وأنّ لدى “حزب الله” القَدر الكاف من الصّواريخ الدّقيقة، ويُهدّد الجِنرال شمخاني بعد أربعة أيّام بالرّد بشَكلٍ حازمٍ ورادعٍ على هذه الاعتِداءات، فهذا يوحي، وربّما يُؤكّد، بأنّ القرار بالرّد جرى اتّخاذه فِعلًا، أو هكذا نأمل، ولهذا سيُهرول نِتنياهو بعد أُسبوعين إلى موسكو مَذعورًا.. والأيّام بيننا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى