سلاح المستقبل يحلق أسرابا وينتحر عند الهدف…..
مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ
بدأت الطائرات المسيرة “الانتحارية”، المجهزة برؤوس حربية مدمجة في الطائرة نفسها مؤخرا بالانتشار في مختلف دول العالم.
ويعود تطوير مثل هذا النوع من الأسلحة إلى التطور السريع للعمليات العسكرية في الصراعات المعاصرة، الذي يزيد من دور الأنظمة القادرة على تقليل دورة مهام الكشف والتدمير. إذ تؤدي تلك الطائرات دور الاستطلاع والمراقبة والتدمير. وتعتبر هذه الأسلحة أكثر دقة وانتقائية من أنظمة المدفعية التقليدية، ما يؤدي إلى تقليل الضحايا بين المدنيين.
كما أن الطائرات المسيرة “الانتحارية” تفوق القنابل غير الموجهة من حيث الدقة. كما أنها لا تعرض أفراد الطاقم للخطر.
ويمكننا القول أن الطائرات المسيرة الانتحارية تعتبر إلى حد ما بديلا للطائرات المسيرة الهجومية، لكنها أبسط وأقل كلفة.
روسيا
وقدمت شركة “كلاشنيكوف” الروسية، ضمن إطار معرض “آيديكس-2019” في أبوظبي، الطائرة المسيرة الهجومية الذاتية الانفجار والعالية الدقة “كوب”.
وقد عملت على تطوير الطائرة المسيرة شركة “ZALA AERO”، وهي شركة رائدة في مجال تطوير وتصنيع أنظمة الطائرات المسيرة وغيرها من الوسائل التقنية لضمان استخدامها. وتعتبر جزءا من شركة “كلاشنيكوف”.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة “روستيخ” سيرغي تشيميزيف: “هذه المنظومة خطوة نحو طرق مختلفة تماما لتنفيذ العمليات القتالية. إننا نحتفظ بالصدارة بين الدول المنتجة لمثل هذا النوع من الأسلحة”.
وتحلق الطائرة 30 دقيقة بسرعة 130 كم/الساعة. وتتمكن الذخيرة في هذه الطائرة من الوصول إلى الهدف بغض النظر عن تخفيه وطبيعة التضاريس، على الارتفاعات المنخفضة والعالية على حد سواء. إنه سلاح دقيق جدا والأكثر فعالية. ويصعب مواجهته باستخدام منظومات الدفاع التقليدية.
وقد صممت الطائرة المسيرة الذكية العالية الدقة “كوب” لتدمير الأهداف البرية البعيدة. وتتميز بالانطلاق الخفي والدقة العالية في إطلاق النار وانخفاض مستوى الضوضاء ويصل وزن حمولتها إلى 3 كيلوغرامات. وتشكل قياساتها 1210X950X165 ملم.
وقال نائب رئيس تحرير مجلة “أرسينال أتيتشيستفو” الروسية والخبير في مجال الطيران دميتري دروزدينكو: “يعتبر “كوب”، المصمم من قبل شركة “كلاشينكوف” تطورا جيدا في فئة الطائرات المسيرة، المعروفة بـ”كاميكازي”. إنه مجال جديد وناجح في التسلح العالمي، لأن تلك الطائرات قادرة على التخفي وحجمها صغير ويصعب اكتشافها وتدميرها، لكنها تتمكن من خلال النظام البصري وغيرها من وسائل الاستطلاع من إلحاق الضرر بمنظومات الدفاع الجوي والطائرات والمقرات. وتملك إسرائيل حصة كبيرة في هذه السوق بمجموعة من طائراتها. ويمكننا القول إن شركة “كلاشينكوف” شغلت موقعها في سوق الأسلحة”.
“إسرائيل”
يعتبر نظام “هاربي” من أول الطائرات المتفجرة، التي ظهرت في السوق. وقامت بتطوير شركة “Israel Aerospace Industries” بهدف ضرب منظومات الدفاع الجوي. وأطلقت للمرة الأولى في عام 1989.
وتبلغ المسافة بين جناحي “هاربي” مترين ويشكل حجمه عند الإطلاق 125 كغ. وقد زودت برأس حربي شديد الانفجار. وتتمكن من التحليق لمدة 3 ساعات.
وقامت الشركة الإسرائيلية بتطوير “هاربي” في الفترة ما بين 2001-2005، لتحصل على الطائرة المسيرة “Harop”. وتم عرضها للمرة الأولى خلال معرض “Aero India” في عام 2009. وقامت القوات الجوية الهندية حينها بشراء 10 طائرات من هذا الطراز. وتم اعتمادها لاحقا في القوات الإسرائيلية والصينية والتركية والتشيلية والكورية الجنوبية.
وتشكل المسافة بين الجناحين حوالي 3 أمتار ووزن الطائرة عند الإقلاع 135 كغ. وتتمكن هذه الطائرات من التحليق لمدة 6 ساعات إلى مسافة 1000 كم. وتقف في الخدمة لدى إسرائيل والهند وأذربيجان.
وأشار نائب مدير مركز التحليل الاستراتيجي والتكنولوجي كونستانتين ماكيينكو إلى أن “هذا النوع من الطائرات استخدمت للمرة الأولى خلال المواجهات القصيرة بين القوات المسلحة الأذربيجانية وجيش الدفاع الأرميني في قره باغ (عام 2016). وليس هناك معلومات موثوقة حول استخدام هذه الأنظمة، على الرغم من أن الأذربيجانيين يؤكدون نجاح استخدام الطائرات الانتحارية الإسرائيلية. وتقول أرمينيا أنها دمرت عددا كبير من هذه الطائرات المسيرة. ولكن هناك معلومات مؤكدة عن النجاح في إصابة بعض الأهداف”.
كما تختص شركة إسرائيلية أخرى “UVision” بتطوير الطائرات المسيرة الانتحارية. وتقدم سلسلة “Hero”، التي تتضمن 6 أنظمة من الطائرات المسيرة، منها 3 أنظمة خفيفة وهي “هيرو 30″ و”هيرو 70” و”هيرو 120″، تنتمي إلى الأنظمة قصيرة المدى.
بينما تصنف الأنظمة الـ3 الأخرى مع الطائرات متوسطة المدى، وهي “هيرو 250″ و”هيرو 400″ و”هيرو 900”.
وتعرف شركة “Aeronautics Defense Systems” الإسرائيلية بأعمال التطوير في مجال أنظمة الطائرات المسيرة الانتحارية من طراز “Orbiter 1K”. وقد صممت الطائرة لتدمير أهداف مختلفة، بما في ذلك القوة الحية والأهداف المتنقلة والثابتة.
وقدمت إسرائيل، يوم الخميس 21 شباط/فبراير، خلال معرض الدفاع في الهند تعديل جديد من طائرة “هاربي”، من صنع شركة ” Israel Aerospace Industries”، أطلق عليها اسم “ميني هاربي”. والمعروف عن الطائرة أنها تزن حوالي 45 كغ ورأسها الحربي يزن 8 كغ ويصل مداها إلى 100 كم.
الولايات المتحدة الأمريكية
وتعمل الولايات المتحدة أيضا على عدد من مشاريع الطائرات المسيرة الانتحارية، لكنها من الفئة الخفيفة في الغالب. فقد قدمت الشركة المصنعة للطائرات المسيرة “AeroVironment” الطائرة الانتحارية “Switchblade”. ويبلغ وزنها 2.5 كغ. وتتمكن الطائرة من التحليق لمدة 10 دقائق على مسافة 10 كم من المشغل. وتقف هذه الأنظمة في الخدمة لدى القوات الأمريكية.
وتعمل على بناء هذه الطائرات شركة “مارتن لوكهيد”. فقد طورت الشركة نظام “ترميناتور”، وهو عبارة عن جهاز بمحرك واحد وأجنحة منخفضة. وقد تم استخدام تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد في صنعها. وتم تجهيز الطائرة المسيرة بنظام مراقبة ثنائي. وتتمكن من استخدام مجموعة متنوعة من الرؤوس الحربية، بما في ذلك شديدة الانفجار والحرارية.
كما طورت شركة “Textron” الطائرة المسيرة الانتحارية “BattleHawk”. وهي عبارة عن نظام خفيف الوزن، يبلغ وزنها مع جهاز الإطلاق 4.5 كغ. وتجمع بين القنبلة شديدة الانفجار من عيار 40 ملم والطائرة المسيرة الصغيرة. وتم عرضها للمرة الأولى في عام 2011. وتحتوي على نظام مراقبة عالي الدقة لتتبع الأهداف المتحركة وتدميرها. وتحلق لمدة 30 دقيقة ويصل مداها إلى 5 كم.
أوروبا
تعمل شركة “MBDA” في أوروبا الغربية، منذ نهاية التسعينيات من القرن الماضي على تطوير الطائرة المسيرة الانتحارية “Fire Shadow” لاحتياجات وزارة الدفاع البريطانية. ويبلغ وزن الطائرة نحو 200 كغ. وتحتوي الطائرة على جهاز قابل للطي. وتتمكن الطائرة من التحليق لمدة 6 ساعات.
وتم تجريب “Fire Shadow” للمرة الأولى في ربيع عام 2008. وانتهت التجارب بنجاح، ما أدى لاحقا إلى توقيع وزارة الدفاع البريطانية لعقد مع الشركة المصنعة من أجل الاستمرار في تطوير الطائرة. وأعلنت “MBDA” في عام 2012 عن بدء الإنتاج التسلسلي للطائرة وسلمت في العام ذاته الدفعة الأولى، المؤلفة من 25 طائرة، لكنها لم تستخدم في القتال، كما كان مقررا في أفغانستان.
وتجري أعمال مشابهة في أوروبا الشرقية أيضا، فعلى سبيل المثال، تقدم الشركة البولندية “WB Electronics” الطائرة المسيرة الانتحارية “Warmate”. وتم عرضها للمرة الأولى في عام 2014. ويبلغ وزن الطائرة 4 كغ. وتستخدم ضد القوة الحية والعربات المدرعة الخفيفة. وتحتوي الطائرة على نظام المراقبة البصري الإلكتروني. ويشكل مداها 10 كم. وتحلق لمدة 30 دقيقة. وتقوم الشركة البولندية بتوريد هذه الطائرات لأوكرانيا، التي استخدمتها خلال عمليات القتال في دونباس.
كما تعمل بيلاروسيا على مجموعة من المشاريع في هذا المجال. فقد قدمت في معرض “الجيش-2016” نموذج أولي لجهاز مشابه وزنه 26 كغ، بما في ذلك الرأس الحربي بوزن 10 كغ. ويشكل مداه 36 كم.
وقدمت بيلاروسيا في معرض الدفاع “آيديكس 2019” في أبوظبي، الطائرة الانتحارية المسيرة “بوسيل إم بي 1”. وتستطيع هذه الطائرات قذف قنابل بدقة 5 أمتار.
وأشار ماكيينكو إلى عدم وجود إحصائيات جدية لتقدير فعالية هذه الطائرات، كونها نوع جديد من الأسلحة نوعا ما.
وتوقع دروزدينكو أن الخطوة التالية ستكون أن الطائرات ستحلق على شكل أسراب وسيكون من الصعب مواجهتها، لصغر حجمها وسرعتها وقدرتها على التخفي.