بماذا نصح “أوباما” حكام الخليج قبيل مغادرته..؟
مرصد طه الإخباري
طارق بصمه جي
تتسارع الأحداث على صفيح ساخن في هذه الأيام فبعض الدول لم ترق لها فكرة أن المشروع الأمريكي قد انهزم كليا في المنطقة وأن روسيا تلك الدولة التي سعوا لأن تتفكك وتنكسر باتت قوة عالمية لا يستهان بها.
من هذا المنطلق رصدنا ما كتبه مؤخرا أمين سر مجلس الشعب النائب خالد العبود واصفاً ما جرى سابقا قبيل انتهاء الفترة الرئاسية لحكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.
وعن تلك الفترة الزمنية التي مضت كتب العبود كاشفا: ” قبيل رحيل أوباما عن البيت الأبيض بفترة وجيزة، قام باستدعاء حكام الخليج واجتمع معهم ليبلغهم رسائل هامة، تلك الرسائل لم يعلن عنها بدقة في ذاك الحين ، إلا أن الحقيقة تقول أنها كانت رسائل صادمة جدا حين أعلن لهم فيها أن الولايات المتحدة الأمريكية فشلت، ولم تستطع أن تحقق الأهداف التي شنت العدوان من أجلها وبمعنى أكثر دقة أبلغ إوباما حكام الخليج أن الرئيس بشار الأسد باق، وأنه رئيسي على مستوى المنطقة، وأن سورية ستساهم في وضع معادلة استقرار وتشكيل المنطقة “.
وعن الجمهورية الإسلامية في إيران أضاف العبود قائلا “بطبيعة الحال إن الجمهورية الإسلامية هي واحدة من الدول الفاعلة على مستوى المنطقة والعالم، وأن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على تجاوزها ، باعتبار أن المواجهة التي حصلت على مستوى المنطقة لم تستطع أن تؤمن الأهداف الأمريكية، لذا بات على دول الخليج البحث عن مصالحها في المنطقة وفق تصور جديد، وواقع موضوعي حقيقي يعترف بالهزيمة التي منيت بها الأطراف التي قامت بالعدوان على سورية ومحور المقاومة”.
بماذا نصح “أوباما” حكام الخليج قبيل مغادرته..؟
وعن نصائح أوباما لحكام دول الخليج أشار العبود مسترسلا ” أكد أوباما في هذا الاجتماع الهام جدا مع حكام الخليج، أن المطلوب منهم هو إعادة النظر بكثير من الرئيسيات التي تقوم عليها أنظمة حكمهم، خاصة لجهة (الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان) وحذرهم من تبعات وملحقات فشل العدوان على سورية، مؤكدا لهم أن هذا الفشل سوف يفرض عليهم ضريبة صعبة جدا، وهو ما يجب أن ينتبهوا له في المرحلة القادمة وطبعا خلال هذه المرحلة لم نعد نسمع من أوباما اسطوانته المشروخة التي تدعو الرئيس الأسد للتنحي، فأوباما فاته قطار كل المراحل التي كان يصر فيها على رحيل الرئيس بشار الأسد، وصار مخزيا له أن يستعيد مثل هذه المواقف”.
وأضاف العبود “لم يكن بمقدور أطراف العدوان الاعتراف بهزيمة الولايات المتحدة، بالطريقة التي يظنها كثيرون منا، باعتبار أن أي اعتراف بتلك الطريقة سوف تكون له تبعات خطيرة جدا، خاصة أن مصالح كبرى كان يمكن لها أن تتأذى بمثل هذا الاعتراف، كما أنه هناك مفاصل اشتباك عديدة لم تزل قائمة، وهي بحاجة كبيرة للمناورة على معنى هذه الهزيمة، كي لا تخسر باقي معارك الاشتباك الفرعية الأخرى!
وكذلك لم يكن بمقدور حكام الخليج، أو حتى كل الأدوات الإقليمية، الاعتراف بهزيمتها في هذه المواجهة، رغم أنها أدت استدارات كاملة كانت ذات دلالة كبيرة على هذه الهزيمة، من خلال التصدع الحاصل في اصطفاف أطراف العدوان ذاتها، فنسق العدوان الذي تماسك في السنوات الأولى لم يعد كذلك، ومصالح مكونات هذه العدوان تناقضت بشكل كبير جدا، وصولا إلى حدٍّ بدا فيه أن النسق أضحى أنساقا وأن مصالح بعض مكوناته تناقضت أكثر ممّا كان عليه التناقض مع محور المقاومة نفسه.
فبالرغم من أن منظومة العدوان تصدعت في مفاصل هامة، مثل اليمن وسورية، وتباعدت الأدوات حد الاحتراب، بين “الأخوان” و”الوهابية”، غير أنّ رفض الاعتراف بالهزيمة الأمريكية في سورية ظلت جامعة لكل أدوات الإقليم التي ساهمت في العدوان على سورية!!”
هناك أدوات إقليمية تريد تسويق مفهوم أن الإدارة الأمريكية لم تنهزم، رغم أن كثيرا من هؤلاء يدركون حقيقة هذه الهزيمة، لربما أنه لم يكن مسموحا أن يتم التسويق أو الاعتراف بهزيمة القوى الإقليمية التي ساهمت أساسا بالعدوان، وذلك لأنّ مثل هذا الاعتراف قد يرتب على هذه الأطراف تبعات كبيرة، خاصة وأن هناك دماء أريقت وأزهقت من السوريين، وبالتالي فإن هزيمة الإدارة الأمريكية تعني بالضرورة هزيمة “حلفائها الإقليميين”.
فبالطبع إن أي اعتراف بهذه الهزيمة هو اعتراف بهزيمة الولايات المتحدة، الذين كانت بعض الأطراف تتهرب من الاعتراف به، لذا قدموا الهزيمة على أنها هزيمة “للمعارضة” فقط”.
التوجه نحو روسيا
لم تأت تلك الخطوة إلا بعد أن أيقنت تلك الأطراف حقيقة أن كثيرا من أحجار الشطرنج في المعادلة باتت خاسرة وأنه ليس أمامهم من سبيل إلا الاتجاه إلى محور هذا القطب العالمي الصاعد الذي أذهل العالم بتسارع تطوره العلمي وتفوقه العسكري بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1990.
من تلك الحقائق وذلك المنطلق أردف العبود قائلا “في ظلّ كل ما سبق سارعت جميع القوى الإقليمية باتجاه المكوّن الروسي الصاعد وذلك لتلوذ به، وتحاول أن تعيد إنتاج علاقاتها معه، بغية حماية ذاتها، من هزيمة مشَغلها الرئيسي في هذا العدوان، ألا وهو الإدارة الأمريكية.
لذا لم يكن أردوغان أول من فعل ذلك، فقد سبقه من فوق الطاولة ومن تحتها، حكام الخليج، وذلك حين استقبلت موسكو عشرات الوفود والزيارات والمؤتمرات والبيانات والمنصات التي كانت تتحدث عن الدور الروسي الهام في استقرار المنطقة وتبريدها”.
الجدير بالذِكر أن النائب خالد العبود يشغل حاليا منصب أمين سر المكتب السياسي لحزب الوحدويين الاشتراكيين في سورية ورئيس تحرير صحيفة “الوحدوي” إضافة لكونه نائبا في البرلمان السوري عن محافظة درعا منذ العام 2003 وأمينا لسر المجلس منذ 2008.