رسائل متبادلة بين الرياض وطهران.. 3 عوامل وراء التوقيت

«مرصد طه الأخباري»كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن وجود رسائل متبادلة بين مسؤولين من السعودية وإيران، رغم التوتر الشديد الذي شهدته العلاقة بين ضفتي الخليج الفارسي خلال الأشهر القليلة الماضية، وبلغ حد التهديد المتبادل بضربات عسكرية.

 

وأوضحت الصحيفة، في تقرير، الخميس، أن السعودية تسعى إلى تخفيف التوتر مع إيران، بعد أن كانت الأخيرة عرضت مرارا عقد معاهدة “عدم اعتداء” إقليمية، بالتوازي مع تأكيدها الجاهزية لخوض حرب مع الولايات المتحدة وجميع حلفائها بالمنطقة.

 

ورغم رفض طهران والرياض التعليق على تلك التسريبات، إلا أن مصادر سعودية رسمية أكدت للصحيفة وجود تلك الرسائل، دون تفاصيل بشأن فحواها.

 

وأشارت المصادر، وكذلك تقرير “وول ستريت جورنال”، إلى عوامل أساسية دفعت الرياض إلى سلك هذا المسار في هذا التوقيت، رغم تعرضها لضربات موجعة مؤخرا، حمّلت طهران المسؤولية عنها بشكل مباشر.

 

  1. “هجمات أرامكو غيرت اللعبة”

 

نقل التقرير عن مسؤول سعودي، لم تسمه، قوله إن “هجمات 14 أيلول (سبتمبر) غيّرت اللعبة”، في إشارة إلى ضرب منشأتين استراتيجيتين لشركة “أرامكو” النفطية العملاقة، في قلب أراضي المملكة، ما تسبب بتعطيل إمدادات الخام، الذي يعتمد عليه اقتصاد البلاد بشكل أساسي، لأسابيع.

 

ورغم تأكيد المصدر أن بلاده “لا تثق بإيران”، إلا أنه كشف عن رغبة لدى الرياض بالوصول إلى اتفاق يحمي منشآتها من التعرض لهجمات على أقل تقدير.

 

ويعد ذلك تراجعا لموقف الرياض أمام طهران، لكن الصحيفة الأمريكية أوضحت أن المهلكة بدأت تشك بمدى دعم حلفائها لها، ولا سيما الولايات المتحدة، في حال تقدمت نحو مربع المواجهة العسكرية.

 

وفي الإطار ذاته، أشار التقرير إلى أن الرؤية الاقتصادية لولي العهد، بن سلمان، باتت مهددة بشكل كبير بعد التوترات الأخيرة في المنطقة، منذ مطلع العام الجاري، ولا سيما الهجمات التي تعرضت لها أرامكو، وناقلات نفط قرب مضيق هرمز، وسط “وعيد” إيراني بشل صادرات المنطقة من موارد الطاقة في حال ازدادت الضغوط عليها.

 

  1. فضائح اليمن و”خاشقجي”

 

أشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن التوجه الجديد يأتي أيضا بفعل تزايد الضغوط على المملكة على خلفية ما يعتبرها المجتمع الدولي “انتهاكات جسيمة” في اليمن، وأخرى بحق ناشطين سعوديين داخل البلاد وخارجها، ولا سيما قتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية الرياض باسطنبول قبل أكثر من عام.

 

وتثير تلك الملفات حفيظة عواصم عديدة حول العالم إزاء تعزيز التعاون مع الرياض، لاسيما على المستوى الأمني والعسكري، الذي تتطلبه أي مواجهة محتملة مع طهران.

 

ومؤخرا، أقدمت السعودية بالفعل على إجراء محادثات سرية مع الحوثيين، بحسب التقرير، بالتزامن مع مبادرات من الجانبين لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى.

 

وفاقمت حادثة فلوريدا الأخيرة تعقيد مساعي الرياض توطيد علاقاتها مع صانعي القرار في واشنطن، وخصوصا مع البنتاغون.

 

فقد أطلق متدرب سعودي النار على جنود أمريكيين في قاعدة عسكرية بولاية فلوريدا، وقتل ثلاثة منهم، ما أعاد تفجير الجدل بالولايات المتحدة بشأن العلاقات العسكرية والأمنية مع المملكة.

 

  1. إيران تريد هي الأخرى مقاربة جديدة

 

أكدت إيران مرارا، في الآونة الأخيرة، رغبتها بالتفاهم، وجاهزيتها، في الوقت ذاته لـ”سحق أعدائها”، لكن تلك المعادلة التقليدية تخفي وراءها رغبة حقيقية بصياغة مقاربة جديدة في المنطقة.

 

ويشير تقرير الصحيفة الأمريكية إلى أن طهران التي تتعرض لعقوبات أمريكية قاسية، في إطار حملة “الضغط الأقصى”، ستقبل بتفاهم مع المهلكة، وهو ما يساهم في تشجيع الأخيرة أيضا على سلك هذا المسار.

 

ووسط تهديد العقوبات استقرار الداخل الإيراني، وقدرة طهران على الاحتفاظ بمكاسبها الإقليمية، فضلا عن مخاوف الانزلاق إلى مواجهة غير محسوبة تماما، فإن “الجمهورية الإسلامية” تجد نفسها معنية بتحويل الرياض إلى وسيط مع واشنطن، في إطار صفقة كبيرة، تشمل مكاسب اقتصادية متبادلة، ونزع فتيل التوتر بالمنطقة.

 

وتلفت “وول ستريت جورنال” إلى أن التجاذبات بين معسكري المحافظين والإصلاحيين في طهران، وتعقد الملفات الإقليمية التي تتصادم فيها مصالح إيران والسعودية، لاسيما في اليمن، تشكل تحديات أمام هذا المسار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى