هل تتخلى امريكا  عن كلب حراستها  لصالح حارس مرمى الناتو …!؟

مٌرَصّدِ طُِه الُإٌخبّارَيَ

محمد صادق الحسيني

تطورات كثيرة متسارعه تشي بان ثمة قرار حاسم قد اتخذ في دوائر الغرب العليا يقضي بتغيير مواقع بيادقها في منطقة آسيا الغربية التي تسمى بالشرق الاوسط …!

مصادر مطلعة ومتابعة عن كثب لمطابخ صنع القرار هناك تفيد بان بريطانيا ومن ورائها عموم الغرب والدولة العميقة في الولايات المتحدة الامريكية قد قررت نقل محطة التخديم الاساسية لها من شبه الجزيرة العربية الى قلب آسيا المركزية بما يتلائم مع التحولات الجيوسياسية المهمة التي افرزتها تطورات ميدان المواجهة العسكرية والسياسية بينها وبين القوى الرافضة للهيمنة الغربية ..!

وتعتقد هذه المصادر بان القرار المتخذ في هذا السياق يسلط الضوء لاول مرة على الفرق بين الكيان الوظيفي والدولة التاريخية العريقة..!

فهل تكون تركيا حارسة مرمى الناتو هي البديل عن السعودية التي ظلت تلعب دور كلب الحراسة الامريكية خلال العقود الماضية ..!؟

وهل اتت او دبرت قضية خاشقچي لتكون هي القشة التي ستقصم

 ظهر البعير …!؟

وكيف سيتم توظيف الصراع بين الدولة العميقة في واشنطن وادارة ترامب بهذا السياق ، واين هي ” اسرائيل” مما يجري ..!؟

 ثمة من تواطأ دوليا واقليميا على مايبدو لتكون قضية خاشقچي بمثابة الفرصة الذهبية للقيام بهذه المهمة ولتكون السعودية الملعب الاساس لهذا التحول ..!

في هذه الاثناء ولما كان محمد بن سلمان المرفوض اصلا من الدولة العميقة في واشنطن ، والذي رفعته الى رأس الهرم الملكي و فرضته اللوبيات الصهيونيه في الولايات المتحده كولي للعهد ، على اعتباره المنفذ المنضبط لتعليماتها ، يكون قد تلقى ضربة قاصمة من خلال هذه الواقعه ، فان الامر أعطى دفعا كبيرا لقوى الدوله العميقه كي تشن هجومها المعاكس في اللحظة الحاسمة، في محاولة منها لتصحيح الأمور . بما يعني العوده الى السياسه الاميركيه التقليدية في المنطقه والتي سيكون من نتائجها ما يلي :

1. تصحيح العلاقة بين واشنطن والرياض واخراجها من حالة الارتكاز الى علاقات الأفراد فقط ، كعلاقة بن سلمان مع كوشنير ، والعودة بها الى منظومات عمل سياسيه كما كان الوضع قبل انقلاب سلمان واولاده على نظام الحكم السعودي التقليدي المعروف .

٢)وبالنظر الى التجربة المره ، التي عاشتها اركان الدولة الامريكيه العميقه ، منذ انقلاب بن سلمان وسلسلة الفشل المتواصله التي اصابت المشروع الصهيواميركي الأساسي لتفتيت المنطقه ، والدخول الروسي المباشر كطرف دولي أساسي في رسم الاستراتيجيات والعلاقات الدوليه ، وبروز ايران كدولة إقليمية كبرى ، لا يمكن تجاوزها عند ما يدور الحديث عن حلول سياسية في الشرق الأوسط ، وعن حلول للقضية الفلسطينيه قبل كل شيء ، بالنظر الى كل ذلك فان الدولة العميقه ، وعبر هجومها المضاد على اركان البيت الأبيض وسياساته الفاشله ، تحاول اعادة احياء السياسه الامريكيه التقليديه القديمه وذلك بالاستغناء عن الركون الى دور الدوله الوظيفية والعوده الى خيار الدوله التاريخية .

ومن نافل لقول ان الدولة التاريخية هنا هي تركيا وان الدولة الوظيفيه هي السعوديه والى جانبها حليفها العضوي اي الاسرائيلي . وهذا بالضبط ما يفسر هلع نتن ياهو ورهطه من التطورات ، التي اعقبت جريمة اغتيال جمال خاشقجي ، خاصة بعد انكشاف ان خمسة من فريق الاغتيال السعوديين هم أعضاء في مكتب التنسيق الأمني السعودي الاسرائيلي المشترك بقيادة بن سلمان والذي يضم في داخله الضابط الفاشل والمطرود ، احمد العسيري وذلك لان القادة الاسرائيليين يعرفون تماما ان كيانهم يؤدي دورا وظيفيا مثله مثل الكيان السعودي وانه عند ما ينتهي هذا الدور فان الحاجة لهذا الكيان ستنتفي بالضرورة ويتم تفكيكه وزواله عن الوجود .

ومن هنا نرى ان جميع تصريحات المسؤولين والمحللين الاسرائيليين تعتبر الضربة التي تلقاها محمد بن سلمان تمثل كارثة لاسرائيل …!

وقد يسأل سائل عن علاقة اسرائيل بتداعيات جريمة اغتيال الخاشقجي واعادة رسم السياسه الاميركيه في “الشرق الأوسط “او بالأحرى تصحيحها . وهذا سؤال محق يكمن الرد عليه في ان قادة الهجوم المضاد للدولة العميقه في الولايات المتحده ، وبالنظر الى فشل سياسات كوشنير / بن سلمان وعجز اسرائيل الكامل عن لعب حارس مرمى الناتو في الشرق الأوسط ، نقول ان قادة اركان الدوله العميقه قد قرروا الاعتماد في سياساتهم الشرق اوسطيه المستقبلية على الدوله التاريخية ، اي العضو في حلف الشمال الأطلسي المؤسس ، تركيا ، وبذلك تحقق الولايات المتحده هدفين هامين دون الدخول في حروب وصراعات هي في غنى عنها لأسباب عديده :

الهدف الاول : إضعاف حكم ال سعود الفاشل والمهزوم على كافة الصعد بحيث يمكن احتوائه من قبل عضو الناتو ، دولة تركيا القويه عسكريا والمستقرة سياسيا ، والتي تعتبر بوابة الناتو الجنوبيه الغربيه التي تتمتع بنفوذ كبير يمتد شعاعه حتى قرقيزستان وشمال غرب الصين شرقا ، وما لذلك من أهمية استراتيجية للولايات المتحده في صراعها مع روسيا والصين .

الهدف الثاني : وهو المتفرع عن الهدف الاول والكامن في خلق المجال ، او تهيئة الظروف الموضوعيه السلسه ، لدمج ما يطلق عليه اسم الدول العربيه المعتدلة تدريجيا في اطر الناتو السياسية والعسكريه ، بدلا من فكرة الناتو العربي الفاشلة بمشاركة اسرائيل المثيره

للجدل ، بدءا بدول الخليج ، قطر والكويت وقريبا السعوديه ، ومن ثم توسيع هذا التواجد التركي ليشمل دولا اخرى ، وكل ذلك حسب مخطط اميركي يعتمد وسائل السيطره الناعمه ، المعتمده على النفس الطويل ، وليس على مزاجيات أشخاص مثل بن سلمان .

اَي ان الولايات المتحده ، اذا ما نجح الهجوم المضاد لأركان الدولة العميقه ، تتجه الى إلغاء الدور الوظيفي حتى لاسرائيل ، بسبب فشلها هي الاخرى في أداء الدور المنوط بها في المرحلة الحاليّه ، وذلك بدليل عجزها عن مواجهة حلف المقاومه ، ووضع حد لتراكم قوته التي باتت تهدد المشاريع الاستعماريه في الشرق الأوسط ، على عكس ما كانت حققته من نجاحات في وضع حد لمشروع الرئيس المصري الراحل ، جمال عبد الناصر ، في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وبدعم غربي كثيف ، تزايد كما ونوعا بعد انتصارها في حرب عام ١٩٦٧ وخاصة دعم الولايات المتحده المالي والعسكري .

ما يعني ان حلا ما للقضية الفلسطينيه ، قد لا يرضي اسرائيل ، سيفرض عليها لاحقا ، اذا ما نجح الهجوم المضاد للدولة العميقه في الولايات المتحده . حلا يعتبره مخططوا الاستراتيجيه الاميركيه المشار اليه اعلاه

حلا استباقيا يمنع تحقق حل حلف المقاومه ، الذي يعتمد هدف التفكيك الكامل ل”اسرائيل” وازالتها من الوجود …!

بمعنى ان هذه الاستراتيجيه ستكون عبارة عن استراتيجية تقوم على الاعتماد على دولة إسلامية سنية مقبولة في العالمين العربي والإسلامي وعضوا مؤسسا في حلف الشمال الأطلسي وقادرة على إراحة الولايات المتحده من هموم “الشرق الأوسط” وذلك عبر احتوائها ، اَي تركيا ، للاعبين الضعيفين في الاقليم العربي وهما السعوديه واسرائيل ، بغض النظر عن بقاء بن سلمان في الحكم من عدمه في المفاهيم الامريكيه والمختلفة قطعا مع مفاهيم الدولة التركيه ذات التوجهات العثمانية برئاسة اردوغان الذي لا يريد بن سلمان ملكا للسعوديه في العقود الخمسة القادمه …!

وهذا يعني ان تركيا ستتحول الى حجر الرحى الامريكي ، بدون منازع ، في “الشرق الأوسط “والتي يرشحها واضعوا الاستراتيجيه الامريكيه الجديده لمهمة نقل المواجهة ، في منطقة الخليج الفارسي ، من مواجهة امريكية ايرانيه الى مواجهة ايرانيه مع حلف الناتو باكمله في المرحلة الحاليّه واستكمال عمليات التطويق الاستراتيجي الذي تنفذه الولايات المتحده وحلف الناتو ، ضد ايران حاليا ( عبر موضوع الصواريخ والنفوذ ) وروسيا والصين على المدى الطويل .

وفي هذا السياق يمكن فهم التصريحات المتناقضه الصادره عن الجهات السياسيه والتشريعية المختلفه في الولايات المتحده بما هي انعكاس واضح للتناقضات الكبرى الداخلية بين مراكز القوى الاميركيه وليست ناتجة عن سوء فهم او نقص في المعلومات بخصوص عملية إعدام الخاشقجي الاجراميه التي تعرف الأجهزة الأمنية الاميركيه كافة تفاصيلها والتي نقلتها لهم خبيرة القتل والتعذيب وإطلاق الكلاب المدربه لنهش اجساد المعتقلين وهم احياء ، بطلة التقاط الصور من جثث ضحاياها في سجن ابو غريب ، مجرمة الحرب مديرة وكالة الاستخبارات المركزيه الاميركيه الحاليّه ، جينا هاسبل ، والتي يجب ان تقدم هي الاخرى بالمناسبة الى محاكم العدل الدوليه وليس فقط المتهم الاول في قضية خاشقچي الامير الهاوي ، محمد بن سلمان ..!

بعدنا طيبين قولوا الله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى